بعد هذا العرض يتبين لنا أنَّ هذا الحديث ضعيف، وصاحب الإسناد الأول: محمد بن عبيد الله شديد الضعف، ليس ممن يصلح للمتابعة، والإسناد الآخر ضعيف؛ لضعف داود بن الحصين خاصة في عكرمة، وقد أبعد النجعة الشيخ الألباني ﵀ فحسن الحديث بهذين الطريقين، فقال في "الإرواء"(٢٠٦٣): «فلا أقل من أن يكون الحديث حسناً بمجموع الطريقين عن عكرمة».
وقال في " صحيح سنن أبي داود " ٦/ ٤٠٠: «يتلخص منه أنَّ الحديث حسن على الأقل بمجموع الطريقين».
أقول: هذا منهج غريب، فالمنكر لا يقوي منكراً.
ونحن إنما سقناها لنبين تدليس ابن جريج فهو قبيح التدليس، كما ذكر الدارقطني؛ لأنه أبهم من حدثه بهذا الحديث، والإبهام من القضايا الدقيقة في علم الحديث؛ ولأن ابن جريج ثقة حافظ من أول من صنّف الحديث في
البصرة؛ ولأن بعض الناس يتساهل في عنعنته لا سيما وأنه من رجال الكتب الستة، وللحديث طريق آخر وهو طريق عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده وهي رواية معلولة أيضاً فراجع إعلالها في حاشية ابن القيم على " سنن أبي داود " ٢/ ٢١٧ - ٢١٨ وهي مما تعل رواية ابن جريج التي بحثناها، والله أعلم.
وانظر:"تحفة الأشراف" ٤/ ٦٣٧ (٦٢٨١)، و "إرواء الغليل"(٢٠٦٣).
مثال آخر: قال ابن أبي حاتم: «وسمعت أبي، وذكر الحديث الذي رواه إسحاق ابن راهويه، عن بقية، قال: حدثني أبو وهب الأسدي، قال: حدثنا نافع، عن ابن عمر قال: لا تَحْمَدوا إسلامَ امرئٍ حَتى تَعرفوا عُقدةَ رأيهِ.
قال أبي: هذا الحديث له علة قل من يفهمها. روى هذا الحديث
عبيد الله بن عمرو، عن إسحاق بن أبي فروة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النَّبيِّ ﷺ، وعبيد الله بن عمرو كنيته: أبو وهب، وهو أسدي، فكأنَّ بقية بن الوليد كنى عبيد الله بن عمرو، ونسبه إلى بني أسد، لكيلا يفطن به، حتى إذا