للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضعفه في مثل هذا الأمر أن يبحث في مظان (١) هذا الحديث؛ لأنه قد يجد هذا الراوي المدلس قد صرح بالسماع أو ذكر اسم من أبهمه، وبعد البحث وجدنا ابن جريج قد صرح باسم شيخه فقد أخرج: الحاكم ٢/ ٤٩١ من طريق ابن جريج، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله ، عن عكرمة …

فمن خلال هذه الرواية تبين لنا شيخ ابن جريج وهو محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وهو ضعيف جداً، قال البخاري: «منكر الحديث»، وقال يحيى ابن معين: «ليس حديثه بشيء»، وقال أبو حاتم: «منكر الحديث جداً ذاهب» (٢).

وهذا الضرب من التدليس هو تدليس الشيوخ، والراوي يصنعه إما لتكثير شيوخه أو للتفنن بالعبارة، وإما تعمية لحال شيخه؛ لضعفه أو لجهالته (٣)، وإنما صنع ابن جريج هذا لشدة ضعف شيخه محمد بن عبيد الله، ومن هذا نفهم معنى كلام الدارقطني بأن ابن جريج يدلس تدليساً قبيحاً؛ إذ لا يدلس إلا عن مجروح.

وللحديث طريق آخر لا يتقوى به، وهو ما أخرجه: أحمد ١/ ٢٦٥، وأبو يعلى (٢٥٠٠)، والبيهقي ٧/ ٣٣٩ من طريق داود بن الحصين، عن عكرمة مولى ابن عباس … الحديث.

وهذا الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة؛ لضعف داود بن الحصين خاصة في عكرمة، قال علي بن المديني: «ما رواه عن عكرمة فمنكر». قال أبو داود: «أحاديثه عن عكرمة مناكير» (٤).


(١) أي مكانه المعروف به الذي إذا طُلب وُجد فيه، واحدتها: مَظِنّة. النهاية ٤/ ٣٤١.
(٢) " ميزان الاعتدال " ٣/ ٦٣٥ (٧٩٠٤).
(٣) وهناك أسباب أخرى، منها: كون المدلس قد شورك في الرواية عن ذلك الشيخ من قبل من هم دونه في السن والإسناد، أو كون الشيخ أصغر سناً من الراوي عنه، أو كون الشيخ غير مرغوب فيه عند جماعة، أو كون الراوي يروي عن شيخه كثيراً فيغير اسمه دفعاً للتكرار، وانظر في نحو هذا ما دبجه يراع البقاعي في " النكت الوفية" ١/ ٤٤٩ بتحقيقي.
(٤) " ميزان الاعتدال " ٢/ ٥ (٢٦٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>