للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال آخر: قال عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج: أخبرني بعض (١)

بني أبي رافع مولى النبي عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس ، قال: طَلَّق عبدُ يزيد -أبو رُكانة وإخوته- أمَّ ركانة، ونكح امرأةً من مُزَيْنَةَ (٢)، فجاءت النبيَّ ، فقالتْ: ما يغني عني إلا كما تُغني هذه الشعرةُ - لشعرةٍ أخَذَتْها منْ رأسِها- ففَرِّقْ بيني وبينه؛ فأخذتِ النبيَّ حميةٌ، فدعا برُكانةَ وإخوتِهِ، ثم قال لجلسائِه: «أترونَ فلاناً يشبه منه كذا وكذا -من عبد يزيد- وفلاناً يشبه منه كذا وكذا؟» قالوا: نعمْ، قال النبي لعبد يزيد: «طَلِّقْها» ففعلَ، قال: «رَاجعِ امرأتك أمَّ ركانةَ وإخوتِهِ» فقال: إني طلقتها ثلاثاً يا رسول الله، قال: «قد عَلمتُ، راجِعْها» وتلا: ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن﴾.

أخرجه: عبد الرزاق (١١٣٣٤)، ومن طريقه أبو داود (٢١٩٦)، ومن طريق أبي داود البيهقي ٧/ ٣٣٩.

أقول: هذا الإسناد إسناد تالف، من أجل تدليس ابن جريج وهو مع ثقته وجلالته يدلس تدليساً قبيحاً كما ذكره الدارقطني (٣)، وهذا الإسناد مما دلسه ابن جريج فأبهم الراوي لضعفه، ومعلوم لدى أهل الحديث أنَّ من أسباب التدليس ضعف الراوي، فيدلسه المدلس من أجل تحسين الحديث، وعلى الباحث قبل أن يحكم بقوة الحديث أو


(١) قال الدارقطني في سننه ٣/ ١٧٤ ط. العلمية وعقب (٣٣٦٥) ط. الرسالة: «أهل العلم بالحديث لا يحتجون بخبر ينفرد بروايته رجل غير معروف، وإنما يثبت العمل عندهم بالخبر، إذا كان راويه عدلاً مشهوراً، أو رجلاً قد ارتفع عنه اسم الجهالة، وارتفاع اسم الجهالة عنه أنْ يروي عنه رجلان فصاعداً، فإذا كان هذه صفته ارتفع عنه اسم الجهالة، وصار حينئذ معروفاً، فأما من لم يرو عنه إلا رجل واحد انفرد بخبر، وجب التوقف عن خبره ذلك، حتى يوافقه غيره،

والله أعلم».
(٢) اسمها: «سهيمة بنت عويمر» انظر: مصنف عبد الرزاق عقب (١١٣٣٤).
(٣) قال: «تجنب تدليس ابن جريج فإنَّه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح». تهذيب التهذيب ٦/ ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>