للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجيح، عن مجاهد مرسلاً أنَّ أم سلمة قالت: كذا وكذا»؛ لأن مجاهداً لم يسمع من أم سلمة، وهو وإن ذُكر في الرواة عنها (١)، فهذا لا يعني أنه سمع منها متصلاً، بل قد يكون روى عنها مرسلاً. فإن قلت: مجاهدٌ عَاصَرَ أمَّ سلمة، والمعاصرة تقتضي السماع إن كان الراوي ثقة ولم يكن مدلساً. قلت: هذا صحيح لو لم تكن هناك قرائن تشير إلى خلاف ذلك، وقد وجدت هذه القرائن، منها: أنني لم أجد من صرّح بسماعه من أم سلمة ، زيادة على أنَّ ابن حزم ، قال في " الإحكام " ٣/ ٣٤٠: «ولم يذكر مجاهد سماعاً لهذا الخبر عن أم سلمة، ولا يعلم له منها سماع

أصلاً»، وقال البرديجي - فيما نقله عنه العلائي في " جامع التحصيل " (٢٧٤) -: «الذي صحّ لمجاهد من الصحابة ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة على خلاف فيه»، ولم يذكر أم سلمة. فبعد هذا لا يمكننا العدول عن أقوال هؤلاء العلماء، والأخذ بقواعد التحديث.

فإن قلت: ذكر الحافظ ابن حجر ما يشير إلى سماع مجاهد من أم سلمة قياساً على سماعه من علي. قلت: هذا ليس بمسلم له؛ لأنّ من المتقدمين من أنكر ذلك، فقد نقل ابن حجر في " تهذيب التهذيب " ١٠/ ٣٩ عن أبي زرعة قال: «مجاهد عن علي مرسل» وفي " المراسيل " لابن أبي حاتم (٧٥٣) قيل ليحيى ابن معين: يُروَى عن مجاهد أنَّه قال: خرج علينا عليٌّ ، فقال

: «ليس هذا بشيء»، وقال أبو حاتم في "المراسيل" لابنه (٧٦٤): «مجاهدٌ أدرك علياً، لا يذكر رؤية ولا سماعاً»، ونقل الذهبي عن ابن خراش وغيره في " ميزان الاعتدال " ٣/ ٤٤٠ (٧٠٧٢) قال: «أحاديث مجاهد عن علي

مراسيل، لم يسمع منه شيئاً» بذلك يتبين صواب ما ذهبنا إليه، والله أعلم.

وانظر: "تحفة الأشراف" ١٢/ ١٢١ (١٨٢١٠)، و "إتحاف المهرة" ١٨/ ١٦٠ (٢٣٤٩٠).


(١) انظر: " تهذيب الكمال " ٧/ ٣٧ (٦٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>