للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يدلس الراوي تدليس الشيوخ، فيموه اسم شيخه، ويعسر على الباحث معرفة شيخه المدلَّس، مثاله ما روى أبو إسحاق السَّبيعيُّ، عن المغيرة ابن عبد الله الجدلي، عن ابن عمر أنَّه قال: مَنْ قَرأَ في ليلةٍ عشرَ آياتٍ لمْ يُكتبْ من الغافلينَ.

أخرجه: ابن أبي شيبة (٣٠٥٨٩)، والدارمي (٣٤٤٥) من طريق أبي إسحاق بهذا الإسناد.

هذا الحديث اضطرب فيه أبو إسحاق، فرواه على ثلاثة أوجه أولها الطريق الذي قدمناه.

والثاني: أخرجه: سعيد بن منصور (٢٤) (التفسير) من طريق أبي إسحاق، عن رجل، عن ابن عمر.

والثالث: أخرجه: ابن الضريس في "فضائل القرآن" (٦٣) من طريقه، عمن سمع ابن عمر.

ولقائل أنْ يقول: إنَّ المبهم الذي جاء في روايتيَ سعيد بن منصور وابن الضريس قد بَيَّنَتْهُ روايتا ابن أبي شيبة والدارمي، يعني: أنَّ المبهم هو المغيرة بن عبد الله الجدلي.

فنقول عند ذلك: يعل الحديث بعلتين:

الأولى: أنَّ أبا إسحاق مدلسٌ، ولم يصرحْ بالسماع.

والثانية: أنَّ المغيرة لم أعثر له على ترجمة بنسب الجدلي، وقد تكون هذه الشخصية وليدة تدليس أبي إسحاق، قال الذهبي في " الموقظة ": ٥٠: « .. وقد يؤدي تدليس الأسماء إلى جهالة الراوي الثقة، فَيُرَدُّ خَبرُهُ الصحيح، فهذه مفسدة .. »، وقد يكون هو المغيرة بن عبد الله اليشكري؛ لأنَّ أبا إسحاق يروي عنه (١)، وحتى لو صح هذا الاحتمال، فإنَّ الحديث يبقى معلولاً بعنعنة أبي إسحاق.


(١) انظر: " تهذيب الكمال " ٧/ ١٩٧ (٦٧٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>