للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر المتقدمين من الحنفية على تقديم خبر الآحاد إذا تعارض مع القياس، سواء أوافق القياس أم خالفه؛ لأنَّ القياس اجتهاد ولا اجتهاد في مورد النص. وهو رأي الآمدي وابن الحاجب الشافعيين (١).

بل نقل ابن حزم عن أبي حنيفة أنَّه قال: «إنَّ الخبر المرسل والضعيف عن رسول الله أولى من القياس، ولا يحل القياس مع وجوده» (٢).

وأما الَّذِيْنَ قالوا بتقديم القياس عَلَى خبر الواحد فهم بَعْض المتقدمين

مِنْهُمْ، وتابعهم عَلَيْهِ كَثِيْر من المتأخرين، ولكنَّهم لَمْ يقولوا بالرد بالإطلاق، بل قسموا الرُّوَاة على قسمين:

الأول: الرُّوَاة المعروفون بالضبط والفقه والاجتهاد، كالخلفاء الأربعة والعبادلة ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت فهؤلاء تقبل أخبارهم باتفاق.

الثاني: الرُّوَاة الَّذِيْنَ اشتهروا بالرواية، وَلَمْ يُعرفوا بالفقه والاجتهاد والفتيا، فإذا جاءوا بخبر الآحاد، فإن وافق القياس قُبل، وإن خالفه ووافق قياساً آخر قُبل أيضاً، وأما إنْ خالف جَمِيْع الأقيسة، فَقَالَ عيسى بن أبان (٣)

والقاضي أبو زيد الدبوسي (٤) وتابعهما أكثر المتأخرين من الحنفية: أنَّهُ لا يقبل (٥).


(١) انظر: " الغيث الهامع شرح جمع الجوامع " ٢/ ٤٩٥ - ٤٩٦.
(٢) انظر: " الإحكام في أصول الأحكام " ٧/ ٣٦٨.
(٣) عيسى بن أبان بن صدقة، أبو موسى، فقيه العراق وقاضي البصرة، مات سنة (٢٢١ هـ).

انظر: "تاريخ بغداد " ١١/ ١٥٧ و ١٥٩، و " سير أعلام النبلاء " ١٠/ ٤٤٠، و " ميزان الاعتدال " ٣/ ٣١٠ (٦٥٥٣).
(٤) العلامة، شيخ الحنفية، أَبُو زيد عَبْد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي، لَهُ مصنفات مِنْهَا:
"تقويم الأدلة " و" الأسرار "، مات سنة (٤٣٠ هـ).
انظر: " اللباب " ١/ ٤٩٠، و " سير أعلام النبلاء " ١٧/ ٥٢١، و " شذرات الذهب " ٣/ ٢٤٥ - ٢٤٦.
(٥) انظر: " كشف الأسرار " للبزدوي ٢/ ٣٧٧ - ٣٧٨، و " الفصول في الأصول " ٣/ ١٤١،
و"شرح مختصر ابن الحاجب " للشمس الأصفهاني ١/ ٧٥٢، و " تيسير التحرير " ٣/ ١١٦،
و" شرح التلويح عَلَى التوضيح " ٢/ ٥، و " أسباب اختلاف الفقهاء ": ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>