للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيحدّث بالمعنى لمصلحة التبليغ، ثم يظهر من سياق ما هو أحفظ منه أنَّه لم يوفِ المعنى» (١).

ويجوز اختصار الحديث لمن كان عالماً بمعناه، ولا يختل معه البيان، ولا تختلف دلالته، قال الخطيب: «والذي نختاره في ذلك أنَّه إذا كان فيما حذف من الخبر معرفة حكم وشرط وأمر لا يتم التعبد والمراد بالخبر إلا بروايته على وجهه، فإنَّه يجب نقله على تمامه ويحرم حذفه؛ لأنَّ القصد بالخبر لا يتم إلا به، فلا فرق بين أنْ يكون ذلك تركاً لنقل العبادة، كنقل بعض أفعال الصلاة، أو تركاً لنقل فرض آخر هو الشرط في صحة العبادة كترك نقل وجوب الطهارة ونحوها، وعلى هذا الوجه يحمل قول من قال لا يحل اختصار الحديث» (٢).

ونقل ابن رجب عن أبي بكر الخلال، قال: «إنما أنكر أحمد مثل هذا الاختصار الذي يُخلّ بالمعنى، لا أصل اختصار الحديث. قال: وابن أبي شيبة في مصنفاته يختصر مثل هذا الاختصار المُخلّ بالمعنى» (٣).

ونقل الخطيب عن الخليل بن أحمد، قال: «لا يحل اختصار حديث النَّبيِّ ؛ لقوله: «رحمَ اللهُ امرءاً سمَع مِنَّا حَديثاً فبلّغهُ كما سمعهُ» (٤)»، وعن يعقوب بن شيبة، قال: «كان مالك لا يرى أن يختصر الحديث إذا كان عن رسول الله »، وعن عباس الدوري، قال: «سُئل أبو عاصم النبيل يكره الاختصار في الحديث؟ قال: نعم؛ لأنهم يخطئون المعنى»، وعن عنبسة، قال: «قلت لابن المبارك: علمتَ أنَّ حماد بن سلمة كان يريد أنْ يختصر الحديث فيقلب معناه؟ فقال لي: أَوَ فطنتَ له؟» (٥).


(١) " فتح الباري " ١٣/ ٣٠٥ عقب (٧٢٧٤).
(٢) " الكفاية ": ١٩٠ - ١٩١.
(٣) " فتح الباري " ٢/ ١٠٥.
(٤) أخرجه بهذا اللفظ: ابن حبان (٦٨)، والطبراني في " الأوسط " (١٦٠٩) ط. العلمية
و (١٦٣٢) ط. الحديث من حديث عبد الله بن مسعود، وبنحوه أخرجه: الشافعي في " مسنده " (١٨٠٦) بتحقيقي، وانظر تمام تخريجه هناك.
(٥) " الكفاية ": ١٩١ - ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>