للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحرمه" (١)، وقال الخطّابي: "وسبيل الحديثين إذا اختُلفا في الظاهر، وأمكن التوفيق بينهما، وترتيب أحدهما على الآخر: أن لا يحملا على المنافاة، ولا يضرب بعضها ببعض، لكن يستعمل كل واحد منهما في موضعه، وبهذا جرت قضية العلماء في كثير من الحديث .. " (٢)، وقال ابن القيم: "لا تعارض بحمد الله بين أحاديثه الصحيحة، فإذا وقع التعارض، فإما أنْ يكون أحد الحديثين ليس من كلامه وقد غلط فيه بعض الرواة مع كونه ثقةٌ ثبتًا، فالثقة يغلط، أو يكون أحد الحديثين ناسخًا للآخر إذا كان مما يقبل النسخ، أو يكون التعارض في فهم السامع لا في نفس كلامه ، فلا بد من وجه من هذه الوجوه الثلاثة، وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان من كل وجه، ليس أحدهما ناسخًا للآخر، فهذا لا يوجد أصلًا، ومعاذ الله أنْ يوجد في كلام الصادق المصدوق الذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق، والآفة من التقصير في معرفة المنقول، والتمييز بين صحيحه ومعلوله، أو من القصور في فهم مراده ، وحمل كلامه على غير ما عناه به، أو منهما معًا، ومن هاهنا وقع من الاختلاف والفساد ما وقع، وبالله التوفيق" (٣)، وقال العلائي: "إذا اختُلفت مخارج الحديث وتباعدت ألفاظه، فالذي ينبغي أنْ يجعلا حديثين مستقلين" (٤)، وقال ابن رجب: "واعلم أنَّ هذا كله إذا علم أنَّ الحديث الذي اختُلف في إسناده حديث واحد، فإنْ ظهر أنَّه حديثان بإسنادين لم يحكم بخطأ أحدهما، وعلامة ذلك أنْ يكون في أحدهما زيادة على الآخر، أو نقص منه، أو تغير يستدل به على أنَّه حديث آخر، فهذا يقول علي بن المديني وغيره من أئمة الصنعة: هما حديثان بإسنادين" (٥).

وأفاد أحد الباحثين في هذا الباب إذ قال: "جنح كثير من الحفّاظ إلى حمل أحاديث وقع فيها اختلاف في ألفاظ متونها على تعدد الواقعة أو


(١) " الرسالة " (٩٢٣) - (٩٢٥) بتحقيقي.
(٢) " معالم السنن " ٣/ ٦٨.
(٣) " زاد المعاد " ٤/ ١٣٧ - ١٣٨.
(٤) " نظم الفرائد ": ٢٥٨.
(٥) " شرح علل الترمذي " ٢/ ٧٢٩ ط. عتر و ٢/ ٨٤٣ ط. همام.

<<  <  ج: ص:  >  >>