للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روي الحديث من طريق آخر.

فقد أخرجه: الطبري في " تفسيره " (٢٦٦٤٣) ط. الفكر و ٢٣/ ٧٨ ط. عالم الكتب، والحاكم ٢/ ٤٩٣، والبيهقي في " الأسماء والصفات " (٨٣٢) من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي الضحى، عن ابن عباس في قوله ﷿: ﴿الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن﴾ قال: في كل أرض مثل إبراهيم ، ونحو ما على الأرض من الخلق … .

قال الإمام أحمد فيما نقله عنه الخلاّل في " علله " كما في " المنتخب " (٥٨): «هذا رواه شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي الضحى، عن ابن عباس لا يذكر هذا - يعني: الرواية الأولى - إنَّما يقول: «يتنزل العلم والأمر بينهن» (١) وعطاء بن السائب اختلط، وأنكر أبو عبد الله الحديث».

وقال ابن الجوزي في " زاد المسير " ٦/ ٣٠٠: « .. فهذا الحديث تارة يرفع إلى ابن عباس، وتارة يوقف علي أبي الضحى، وليس له معنى، إلا ما حكى أبو سليمان الدمشقي، قال: سمعت أنَّ معناه أنَّ في كل أرض خلقاً من خلق الله لهم سادة يقوم كبيرهم ومتقدمهم في الخلق مقام آدم فينا، وتقوم ذريته في السن والقدم كمقام نوح .. ».

وهذا التأويل سائغ لو تبت أما مع نكارته فلا داعي لتلك التأويلات لعدم الجدوى منها.

وقال البيهقي في " الأسماء والصفات " عقب (٨٣٢): «إسناد هذا عن ابن عباس صحيح، وهو شاذ بمرة لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعاً، والله أعلم».

ونقل العجلوني في " كشف الخفاء " ١/ ١٢٣ عن السيوطي أنَّه قال: «هذا من البيهقي في غاية الحسنِ، فإنَّه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن (٢)؛


(١) هذه الرواية لم أقف عليها، ولكن الذي وقفت عليه أنَّ شعبة رواه بنحو رواية شريك غير أن لشعبة فيه متنين.
(٢) يرى شيخنا العلاّمة عبد الله السعد أنَّه يلزم من صحة الإسناد صحة المتن؛ لأنَّ المتن إذا كان فيه شذوذ أو علة، فيكون سببه من الإسناد أي من أحد رواة الإسناد الذي أخطأ، فكان الشذوذ أو الإعلال بسببه، وهذا نظر قويٌّ. وهذه القاعدة التي أصلها الحافظ ابن حجر سار عليها من = = جاء بعده يكون هذا الحديث خير مثال لها، وذلك أن إسناد الحديث - سيما الثاني منه - في غاية القوة من حيث اتصاله وثقة رجاله، بل إنَّ إسناد غندر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة نسخة كبيرة، وشعبة مكثر جداً عن عمرو بن مرة فهو إسناد صحيح غير أنَّ متنه منكرٌ ليس له من شبهة الصحة إلا الخيال، وقد استدعيت همتي، وقلبت فكرتي للغوص في دياجير وغياهب الحديث للوقوف على علة نكارته الرئيسة، فعدت منه خال الوفاض إلا ما ثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>