للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤثر في طلب المأمورات» (١)، وأفاض الْقَاضِي ابن العربي في تأييد مذهب مالك، فَقَالَ: «إنَّ هَذَا الْحَدِيْث صَحِيْح مليح، يَنظر إِلَى مطلقه دُوْنَ تثبت جَمِيْع فقهاء الأمصار، وقالوا: من أفطر ناسياً لا قضاء عَلَيْهِ، تعلقاً بقول النَّبِيِّ في الصَّحِيْح: «اللهُ أَطْعَمَكَ وَسَقَاكَ». وتطلّع مالك إِلَى المسألة من طريقها، فأشرف عَلَيْهَا فرأى في مطلعها: أنَّ عَلَيْهِ القضاء؛ لأنَّ الصوم عبارة عن الإمساك عن الأكل، فَلَا يوجد مَعَ الأكل لأنَّهُ ضده، وإذا لَمْ يبق ركنه وحقيقته ولَمْ يوجد، لَمْ يَكُنْ ممتثلاً ولا قاضياً ما عَلَيْهِ، ألا ترى أنَّ مناقض شرط الصَّلَاة وَهُوَ الوضوء: الحدث، إذا وجد سهواً أو عمداً أبطل الطهارة؛ لأنَّ الأضداد لا جماع مَعَ أضدادها شرعاً ولاحساً، وَلَيْسَ لهذا الأصل معارض إلا الكلام في الصَّلَاة» (٢).

٢. حمل الْحَدِيْث عَلَى صوم التطوع دُوْنَ الفرض، بحجة أنَّ الْحَدِيْث لَمْ يقع فِيْهِ تعيين رَمَضَان، فيصار إلى حمله عَلَى التطوع (٣).

٣. حمل الْحَدِيْث عَلَى أمر الصائم الَّذِي تَكُوْن هَذِهِ حاله بإتمام صيام ذَلِكَ اليوم، وسقوط الإثم عَنْهُ، لَكِنْ يجب عَلَيْهِ قضاؤه (٤).

٤. قَالَ ابن العربي: «وهذا الْحَدِيْث يوافق القاعدة في رفع الإثم فقُبل في ذَلِكَ، ولا يوافقها في بقاء العبادة بَعْدَ ذهاب ركنها أشتاتاً فَلَا يعمل … بِهِ» (٥).

وأجيب عَنْهُمْ:

أما أولاً: فالقياس المذكور قياس غَيْر صَحِيْح؛ لكونه في مقابلة النص، ولا اجتهاد في مورد النص، وَقَدْ ذَكَرَ البرماوي في " شرح العمدة ": أنَّ شرط القياس عدم مخالفة النص (٦).

وكون الْحَدِيْث خبر واحد مخالفاً للقاعدة، أمر فِيْهِ نظر، وعلل هَذَا


(١) " إحكام الأحكام ": ٢١٤.
(٢) " عارضة الأحوذي " ٣/ ١٩٦.
(٣) انظر: " عمدة القاري " ١١/ ١٨.
(٤) انظر: " فتح الباري " ٤/ ٢٠١ عقب (١٩٣٣).
(٥) " عارضة الأحوذي " ٣/ ١٩٦.
(٦) انظر: " إرشاد الساري " ٤/ ٤٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>