للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميموني (١)، وبه قَالَ عامة الفُقَهَاء والمتكلمين. والأخرى: الزيادة مطرحة، أومأ إليه في رِوَايَة المروذي وأبي طالب، وبه قَالَ جَمَاعَة من أصحاب الحَدِيْث. وَلَيْسَ هذِهِ الرِّوَايَة في هذِهِ الصورة، وإنما قالها أحمد في جَمَاعَة رووا حديثاً انفرد أحدهم بزيادة، فرجح رِوَايَة الجماعة، فأما فِيْمَا ذكرنا من هذِهِ الصورة فَلَا أعلم عَنْهُ مَا يدل عَلَى اطراح الزيادة» (٢).

٥. إذَا كَانَت الزيادة تغير إعراب الباقي كانا متعارضين فتردُّ الزيادة، وَهُوَ مَا ذهب إِليهِ الأكثرون كَمَا حكاه الهندي (٣)، وَقَالَ الرازي: «الراوي الواحد إذَا رَوَى الزيادة مرة وَلَمْ يروها غَيْر تِلْكَ المرة، فإن أسندهما إلى مجلسين قبلت الزيادة، سَوَاء غيرت إعراب الباقي أو لَمْ تغير، وإن أسندهما إلى مجلس واحد، فالزيادة إن كَانَتْ مغيرة للإعراب تعارضت روايتاه كَمَا تعارضتا من راويين، وإن لَمْ تغير الإعراب فإما أن تَكُون روايته للزيادة مرات أقل من مرات الإمساك أو بالعكس، أو يتساويان: فإن كَانَتْ مرات الزيادة أقل من مرات الإمساك: لَمْ تقبل الزيادة؛ لأنَّ حمل الأقل عَلَى السهو أولى من حمل الأكثر عَلَيْهِ، اللهم إلا أنْ يَقُول الرَّاوِي: إني سهوت في تِلْكَ المرات وتذكرت في هذِهِ المرة، فهاهنا يرجح المرجوح عَلَى الراجح لأجل هَذَا التصريح، وإن كَانَتْ مرات الزيادة أكثر: قبلت لا محالة … و أما إن تساويا قبلت الزيادة لما بيّنا: أنَّ هَذَا السهو أولى من ذَلِكَ، واللهُ أَعْلَمُ» (٤).


(١) هُوَ الإِمَام أبو الحسن عَبْد الملك بن عَبْد الحميد بن ميمون، الميموني الرَّقِيُّ، تلميذ الإِمَام أحمد: ثقة فاضل، توفي سنة (٢٧٤ هـ).
انظر: " تهذيب الكمال " ٤/ ٥٥٨ (٤١٢٥)، و" سير أعلام النبلاء " ١٣/ ٨٩، و" التقريب "
(٤١٩٠).
(٢) " التمهيد " ٣/ ١٥٣ - ١٥٥ وقد ذكر الحافظ ابن رجب في " شرح علل الترمذي " ١/ ٤٢٧
ط. عتر و ٢/ ٦٣٧ ط. همام أنَّ مذهب أحمد في الزيادة اعتبار قول الأوثق في ذلك والأحفظ - كما هو مذهب الحفاظ المتقدمين - وسيأتي ذكر مذهبهم في ذلك.
(٣) انظر: " البحر المحيط " ٣/ ٣٨٩.
(٤) " المحصول في علم أصول الفقه " ٤/ ٤٧٥ ط. العلواني و ٢/ ٢٣٤ - ٢٣٥ ط العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>