للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثبت بإسناد أو وقفه أو أرسله، ورفقاؤه الأثبات يخالفونه، فالعبرة بما اجتمع عليه الثقات فالواحد قد يغلط .. » (١)، والنقولات عن أهل العلم في هذا الباب كثيرة، بل إنَّ الباحث يجد في الكتب المسندة العتيقة أن المُسنِدَ يسوق رواية ما، ثم يتبعها بقوله: تابعه فلان وفلان، وهذا العمل يدلك على أخذ النقاد بقرينة الترجيح بالعدد، وإن لم ينص ذلك المسنِد على ذلك، وهذا الذي قدمناه إنما يكون في حال تساوي الرواة، فإنْ روى ثقة وخالفه دونه، فالحكم للثقة متعين.

ج - الإجماع: المقصود به هنا إجماع المحدّثين على أمر ما، كأنْ يجمعوا على تضعيف راوٍ أو يجمعوا على تضعيف حديث، وإنْ كان ظاهره الصحة فالحكم لما أجمعوا عليه، قال أبو حاتم: «واتفاق أهل الحديث على شيء يكون حجة» (٢). والحجة في قبول إجماعهم والمشي وراء ما ذهبوا إليه، أنَّ هؤلاء النقاد اطلعوا على الأصول وعاينوا الفروع فتكونت عندهم ملكة حديثية هائلة يعرفون بها الصحيح من السقيم، قال السخاوي: «فالله تعالى بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالاً نقاداً تفرغوا له، وأفنوا أعمارهم في تحصيله، والبحث عن غوامضه، وعلله، ورجاله، ومعرفة مراتبهم في القوة واللين، فتقليدهم والمشي وراءهم وإمعان النظر في تواليفهم، وكثرة مجالسة حفاظ الوقت مع الفهم، وجودة التصوّر ومداومة الاشتغال وملازمة التقوى والتواضع، يوجب لك إنْ شاء الله معرفة السنن النبوية، ولا قوة إلا بالله (٣)» (٤).

فهذه القرائن الثلاثة هي قرائن أساسية يرجع إليها حال الاختلاف، أما القرائن الفرعية: فقد عقد الخطيب في " الكفاية " باباً عَنْوَنَه بـ: «القول في ترجيح الأخبار» ذكر فيه مرجحات للأخبار منها:

١ - أنْ يكون أحد الخبرين مروياً في تضاعيف قصة مشهورة عند أهل النقل؛ لأنَّ ما يرويه الواحد مع غيره، أقرب مما يرويه الواحد عارياً عن قصة مشهورة.

٢ - أنْ يقول راويه سمعت فلاناً، ويقول الآخر: كتب إليَّ فلان.


(١) " الموقظة ": ٥٢.
(٢) " المراسيل " لابنه (٧٠٣).
(٣) في ط. العلمية: «إلا الله».
(٤) " فتح المغيث " ١/ ٢٥٦ ط. العلمية و ٢/ ٦٨ - ٦٩ ط. الخضير.

<<  <  ج: ص:  >  >>