للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيد بن أبي عروبة لا يرفعه وهشام يرفعه، وَهُوَ حافظ» (١).

أقول: هكذا صَحّح الأئمة رفع هَذَا الحَدِيْث، مَعَ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ موقوفاً أيضاً؛ وهذا يدل عَلَى أنَّ الحَدِيْث إذا صَحَّ رفعه ووقفه، فإنَّ الحكم عندهم للرفع، وَلَا تضر الرِّوَايَة الموقوفة إلا إذا قامت قرائن تدل عَلَى أنَّ الرفع خطأ.

نموذج آخر: وهو مثال لما تترجح فِيهِ الرِّوَايَة الموقوفة سبق أنْ ذكرت أنَّ الحكم في اختلاف الرفع والوقف لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية، فَقَدْ تترجح الرِّوَايَة الموقوفة، وَقَدْ تترجح الرِّوَايَة المرفوعة؛ وَذَلِكَ حسب المرجحات والقرائن المحيطة بالرواية، وهذه المرجحات مختلفة متفاوتة؛ إِذْ قَدْ تترجح رِوَايَة الأحفظ، أو الأكثر أو الألزم (٢)، وما إلى غَيْر ذَلِكَ من المرجحات الَّتِي يراها نقاد الحَدِيْث وصيارفته، ومما رجحت فِيهِ الرِّوَايَة الموقوفة:

مَا رَواهُ عائذ بن حبيب (٣)، قَالَ: حَدَّثَني عامر بن السِّمْط، عن أبي الغَريف (٤)، قَالَ: أُتي عَلِيٌّ بوَضوءٍ، فمضمض واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وغسل يديه وذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثُمَّ مسح برأسه، ثُمَّ غسل رجليه، ثُمَّ قَالَ: هكذا رأيت رَسُوْل الله توضأ، ثُمَّ قرأ شَيْئاً من القُرْآن، ثُمَّ قَالَ:«هَذَا لِمَنْ لَيْسَ بجنبٍ، فأمَّا الجنبُ فَلَا، وَلَا آية».


(١) " عون المعبود " ١/ ١٤٥.
(٢) أي الأكثر ملازمة لشيخه.
(٣) هُوَ عائذ بن حبيب بن الملاح - بفتح الميم وتشديد اللام وبمهملة -، أبو أحمد الكوفي، ويقال: أبو هشام، (صدوق رمي بالتشيع). " التقريب " (٣١١٧).
(٤) هُوَ عبيد الله بن خليفة، أبو الغريف - بفتح المُعْجَمَة وآخره فاء - الهمداني المرادي، الكوفي: صدوق رمي بالتشيع. " التقريب " (٤٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>