للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل العلم» مشيراً في ذلك -والله أعلم- إلى تقوية الحديث عند أهل العلم؛ لأنَّ عملهم بمقتضاه يدل على اشتهار أصله عندهم. و قد يلتمس هذا من صنيع البخاري فقد قال في كتاب الوصايا: «ويذكر أنَّ النبي قضى بالدَّيْن قبل الوصية» (١). وقد علّق على ذلك الحافظ ابن حجر قائلاً: «وكأنَّ البخاري اعتمد عليه؛ لاعتضاده بالاتفاق على مقتضاه، وإلا فلم تجر عادته أنْ يورد الضعيف في مقام الاحتجاج به» (٢).

وقال ابن الوزير: «وقد احتج العلماء على صحة أحاديث بتلقي الأمة لها بالقبول» (٣)، وقال الحافظ ابن حجر: «من جملة صفات القبول التي لم يتعرض لها شيخنا أنْ يتفق العلماء على العمل بمدلول حديث، فإنَّه يقبل حتى يجب العمل به، و قد صرّح بذلك جماعة من أئمة الأصول، و من أمثلته قول الشافعي : و ما قلت من أنَّه إذا غُيّر طعم الماء و ريحه و لونه، يروى عن النبي من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله، و لكنَّه قول العامة لا أعلم بينهم فيه خلافاً. وقال في حديث: «لا وصيةَ لوارثٍ» لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولكن العامة تلقته بالقبول وعملوا به، حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية

للوارث» (٤).

أقول: فالشافعي رحمه الله تعالى يشير بذلك إلى حديث أبي سعيد الخدري: أنَّ النَّبيَّ قال: «الماءُ طَهُورٌ لا ينجِّسُهُ شيءٌ». أخرجه:


(١) " صحيحه " ٤/ ٦ عقب (٢٧٤٩) و الحديث وصله أحمد ١/ ٧٩، و الترمذي (٢١٢٢)، وابن ماجه (٢٧١٥) وفيه الحارث الأعور كذبه الشعبي في رأيه ورمي بالرفض وفي حديثه ضعف. انظر: " التقريب " (١٠٢٩). والبخاري إنما ذكره هنا بصيغة التمريض ففيه دلالة على ضعفه.
(٢) " الفتح " ٥/ ٤٦٢ عقب (٢٧٥٠).
(٣) " العواصم و القواصم " ٢/ ٣٩٧.
(٤) " نكت ابن حجر " ١/ ٤٩٤ - ٤٩٥ و: ٢٧٩ - ٢٨٠ بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>