: «عن أبيه» لم ترد إلا في نسخة واحدة من إحدى عشرة نسخة. انظر: كلام محقق المصنف لابن أبي شيبة عقيب الحديث. (٢) الحافظ ابن حجر ذكر هذا عن ابن عبد البر بالمعنى، وهو مقلد فيه لابن الملقن في " البدر المنير " ٨/ ٢٧٧، وهذا المعنى مذكور في التمهيد كما سيأتي التعليق عليه، ومن سوء تحقيق عادل عبد الموجود وعلي محمد معوض أنهما أحالا على " الاستذكار "، وصنيعهما قاصر؛ لأنَّ غاية ما في " الاستذكار " ٥/ ٢٥٩ أنَّ ابن عبد البر ساق الرواية الموقوفة عن أبي هريرة، ثم ساق بعدها الرواية المرفوعة. ومعلوم أنَّ هذا منه ترجيح الرواية الموقوفة على الرواية المرفوعة فقط، وليس فيه نصٌ على تضعيف الرواية المرفوعة. (٣) الحافظ ابن عبد البر أعل الرواية المرفوعة ورجح الموقوفة؛ غير أنَّه ساق في " الاستذكار " ٥/ ٢٥٩ رواية ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الحجاج، عن أبي هريرة، فذكر الرواية الموقوفة من قول أبي هريرة، ثم عقب ذلك بقوله: «ورواه حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة بإسناده مرفوعاً إلى النبي ﷺ». قال ماهر: ولا يشك من له أدنى مسكة من علم في هذه الصناعة أنَّ ابن عبد البر يرجح الموقوف ويعل به المرفوع؛ وذلك لتقديمه الرواية الموقوفة على المرفوعة، ولتقدم حفظ سفيان بن عيينة على حماد بن سلمة. وقد أوضح ابن عبد البر هذا المعنى في " التمهيد " ٣/ ٤٧٦ إذ ساق الرواية= =الموقوفة ثم قال: «رفع هذا الحديث حماد بن سلمة، عن هشام، وتوقيفه أصح». وهذا النص في الطبعة المغربية القديمة ٨/ ٢٦٦ - ٢٦٧، كما رجعتُ إليه في " المكتبة الألفية " وكما ذكر محققا " الأحكام الوسطى " حمدي السلفي وصبحي السامرائي. والذي دفعني لهذه التعليقة الطويلة التي ربما أدخلت السآمة على القاريء أنَّ محققي " الأحكام الوسطى " جعلا كلام عبد الحق من ضمن كلام ابن عبد البر، فجاء النص عندهما هكذا: «قال أبو عمر: لا يصح مرفوعاً وصححه غيره لأنَّ الذي رفعه ثقة»، هكذا جاء النص عندهما من غير فصل ولا فارزة ولا نقطة ولا تحديد نص جديد برأس سطر، وقد ازدوج عندهما التقصير إذ وضعا هامشاً على كلمة (ثقة) وكتبا في الحاشية: «التمهيد ٨/ ٢٦٧». ووجه التقصير في عملهما هذا أنَّهما جعلا كلام عبد الحق الذي يرد على ابن عبد البر من كلام ابن عبد البر، ولم يبينا أنَّ ما ذكره عبد الحق عن ابن عبد البر إنما هو بالمعنى، فصار النص مشوهاً، ومن أراد أن يستوضح الإشكال فليرجع إلى صنيع ابن الملقن في " البدر المنير " ٨/ ٢٧٧، فسيجد النص ظاهراً من غير تشويش. ثم إني لا بد أنَّ أشير إلى ضرورة العناية التامة بضبط كتب السنة المشرفة؛ لأنَّ عدداً ممن ينسب إلى التحقيق قد أخرجوا لنا كماً كبيراً من كتب السنة وفيها من التصحيف والتحريف والسقط ما الله وحده به عليم، وليعلم أنَّ هذا التحقيق أمانة يُسأل عنها العبد يوم القيامة أحفظها أم ضيعها؟