للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ»؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا»؟ قُلْنَا:

اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «أَلَيْسَ بِالْبَلْدَةِ»؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلا هَلْ بَلَّغْتُ»؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ، فَكَانَ كَذَلِكَ، وَقَالَ: لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ حَرْقِ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ؛ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: أَشْرَفُوا عَلَى أَبِي بَكْرَةَ فَقَالُوا: هَذَا أَبُو بَكْرَةَ. فَقَال عَبْدُ الرَّحْمانِ: فَحَدَّثَتْنِي أُمِّي أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ قَالَ: لَوْ دَخَلُوا عَلَيَّ مَا بَهَشْتُ إِلَيْهِمْ بِقَصَبَةٍ. وكتبت للشيخ: الإشكال: أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. فأجاب:

المعروف في اللغة أنَّ (بلى) تختص بجواب النفي وإثباته (١)، وأنَّ (نعم) لتصديق الخبر نفياً كان أو إثباتاً (٢). وهذا من المتواتر في اللغة، وشواهده لا تحصى، فلا يحتاج لنقل، ومن المشهور عن ابن عباس في قوله تعالى: «ألست بربكم قالوا بلى» أنه قال: لو قالوا (نعم) لكفروا (٣). وقد وردت شواهد قليلة جداً ظاهرها استعمال (نعم) في موطن (بلى) (٤)، وقد استعملها سيبويه نفسه في الكتاب، ولحّنه ابن الطراوة في ذلك (٥). واختار أكثر النحويين أنَّ هذا خطأ، وردّوا ما ورد من هذه الشواهد. وبعضهم تأول الشواهد الواردة في ذلك بما يخرجها عن ظاهرها جرياً على المشهور.


(١) بلى: حرف جواب يختص بالنفي، ويفيد إبطاله، سواء كان النفي مجرداً أم مقروناً بالاستفهام، فمثال الأول قوله تعالى: «زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي»، ومثال الثاني: «أليس زيد بقائم» فنقول: بلى. انظر: " مغني اللبيب " ١/ ١٠٠.
(٢) نعم: حرف يفيد تصديق المخبر بنفي أو إيجاب، فلو قال قائل: «ما قام زيد» فتصديقه (نعم) وتكذيبه (بلى)، ولو قال: «قام زيد» فتصديقه (نعم) وتكذيبه (لا). انظر: "مغني اللبيب" ٢/ ١٠.
(٣) انظر: "مغني اللبيب" ٢/ ١١.
(٤) انظر بعض تلك الشواهد في " مغني اللبيب " ٢/ ١١.
(٥) انظر " مغني اللبيب " ٢/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>