للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّد بن أبي سلمة المكي، عن مُحَمَّد بن عمرو (١)، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: أُهديت لعائشة وحفصة … الحديث. وهو طريق ضعيف، قال الهيثمي: "فيه مُحَمَّد بن أبي سلمة المكي، وقد ضُعِّفَ بهذا الحديث" (٢).

خلاصة القول: إنَّ الحديث لم يصح متصلًا، ولم تتوفر فيه شروط الصحة؛ فهو حديث ضعيف لانقطاعه؛ ولضعف طرقه الأخرى.

وقَدْ يتبادر إلى أذهان بعض الناس أنّ هذا الحديث ربما يتقوى بكثرة الطرق، والجواب عن هذا: بأنْ ليس كل ضعيف يتقوى بمجيئه من طريق آخر، فالعلل الظاهرة؛ وَهِيَ الَّتِي سببها انقطاع في السند، أو ضعف في الرَّاوِي، أو تدليس، أو اختلاط تتفاوت ما بَيْنَ الضعف الشديد والضعف اليسير، فما كَانَ يسيرًا زال بمجيئه من طريق آخر مثله أو أحسن مِنْهُ، وما كَانَ ضعفه شديدًا فَلَا تنفعه كثرة الطرق. وبيان ذَلِكَ: أنَّ ما كَانَ ضعفه بسبب سوء الحفظ أو اختلاطٍ أو تدليسٍ أو انقطاع يسير فالضعف هنا يزول بالمتابعات والطرق، وما كَانَ انقطاعه شديدًا أو كَانَ هناك قدحٌ في عدالة الراوي فلا يزول (٣).

وقد يختلف الرواة في إسناد من الأسانيد اتصالًا وانقطاعًا، ويرجح الانقطاع، وحتى لو رجح الاتصال يبقى السند ضعيفًا، لعلة أخرى فيه، كالجهالة ونحوها، ومع كل هذه الترجيحات يبقى البحث والحكم والتحقيق الذي ارتضاه البحث العلمي ليس أمرًا سهلًا، بل هو أمر يأخذ من الناقد جهده، مثاله ما: روى الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن


(١) هُوَ مُحَمَّد بن عَمْرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني: صدوق لَهُ أوهام، توفي سنة (١٤٤ هـ)، وَقِيْلَ: (١٤٥ هـ).
انظر: " تهذيب الكمال " ٦/ ٤٥٩ و ٤٦٠ (٦١٠٤)، و" ميزان الاعتدال " ٣/ ٦٧٣ (٨٠١٥)، و" التقريب " (٦١٨٨).
(٢) " مجمع الزوائد " ٣/ ٢٠٢.
(٣) انظر: " أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء ": ٣٤ - ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>