للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرجه: أحمد ١/ ١٥٠ قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن جابر الجعفي (١)، قال: سمعت أبا بردة يحدث عن علي … فذكره مقتصراً على ذكر النهي عن لبس الخاتم في الوسطى.

وأخرجه: البزار (٥٦٢) من طريق أبي خالد الأحمر، قال: حدثنا شعبة، عن عاصم، عن زر بن حبيش، عن علي بن أبي طالب، به.

وقال البزار عقبه: «وهذا الحديث أحسب أنَّ أبا خالد أخطأ في إسناده؛ لأنَّه لم يتابعه على هذا الحديث بهذا الإسناد أحد، وإنَّما يروى هذا الحديث عن عاصم بن كليب، عن أبي بردة، عن عليٍّ ».

قلت: قول البزار: «لأنَّه لم يتابعه على هذا الحديث بهذا الإسناد أحد» فيه نظر. إذ قال الدارقطني في " العلل " ٤/ ١٧٢ س (٤٩٢): «وتابعه جعفر بن محمد الرَّسْعَني (٢)، فرواه عن موسى بن داود، عن شعبة، عن عاصم، عن زر، عن علي، وكلاهما وهم، والصواب عن شعبة، عن عاصم بن كليب، عن أبي بردة، عن علي».

قلت: رجح الدارقطني الرواية الأولى عن شعبة، وهو الصواب لأنَّ شعبة توبع على الرواية الأولى كما سيأتي (٣).


(١) وهو: «ضعيف» " التقريب " (٨٧٨).
(٢) الرَّسْعَني: بفتح الراء المهملة وسكون السين وفتح العين المهملة وكسر النون، هذه النسبة إلى بلدة من ديار بكر يقال لها: رأس عين، وماء دجلة منها يخرج. " الأنساب " ٢/ ٣٠٩.
(٣) أما الترجيح بسبب المتابعات فهذه قرينة رئيسة في أصول ترجيح الروايات، ولكن سبب ترجيح رواية شعبة، عن عاصم، عن أبي بردة، لأهل الحديث قرائن أخرى رجحتها على بقية الطرق،= =منها: إنَّ روايته عن جابر له فيها قصد آخر غير الرواية، سيما وأنَّ شعبة مطلع على شدة ضعفه، ومنها أنَّ طريق أبي خالد معلول بمخالفته الرواة عن شعبة، مع ما عرف عنه من خطأ في بعض أحاديثه، ومن الكلام الذي تقدم نستطيع أنْ نستخلص قاعدة مهمة وهي: «إنَّ الراوي قد يروي عن شيخ ولا يقصد به فحوى الرواية» بل إنَّ شعبة - مثلاً - حينما روى عن جابر فإنَّه أراد أنْ يبين هذا الطريق للناس، وهذا فيه فائدة صون الضعيف عن التدليس، فقد يأتي راو مدلس فيعمد إلى شيخه فينسبه بغير ما اشتهر تعمية لأمره فيروي عنه، ثم يروي الناس عن ذلك الراوي المدلس، عن المُدَلس دون التفطن لتدليسه، بل قد يعمد المدلس فيقول: «حدثني» وهو بهذا لم يعنعن ولكن تدليسه وقع في إيهام لشيخه فيحمل عنه من لا خبرة له بالأسانيد، وبهذا تعلم مدى الجهد الذي بذله المحدّثون في تنقية أحاديث نبيهم فجزاهم الله عن المسلمين خير الجزاء، وألحقنا بهم في جنات الفردوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>