للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حفظ هذا الراوي أو الرواة لهذا الحديث. قال ابن دقيق العيد: "إذا اختُلفت الروايات، وكانت الحجة ببعضها دون بعضٍ، توقف الاحتجاج بشرط تعادل الروايات، وأما إذا وقع الترجيح لبعضها؛ بأن تكون رواتها أكثر عددًا أو أتقن حفظًا، فيتعين العمل بالراجح، إذ الأضعف لا يكون مانعًا من العمل بالأقوى، والمرجوح لا يمنع التمسك بالراجح" (١).

وَقَالَ الحافظ ابن حجر: "الاختلاف على الحفاظ في الحديث لا يوجب أنْ يكون مضطربًا إلا بشرطين: أحدهما: استواء وجوه الاختلاف، فمتى رجح أحد الأقوال قُدِّم، ولا يُعل الصحيح بالمرجوح.

ثانيهما: مع الاستواء أنْ يتعذر الجمع على قواعد الْمُحَدِّثِيْن، ويغلب على الظن أنَّ ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه، فحينئذ يحكم على تلك الرواية وحدها بالاضطراب، ويتوقف عن الحكم بصحة ذلك الحديث لذلك" (٢).

وَقَالَ المباركفوري: "قَدْ تقرر في أصول الحديث أنَّ مجرد الاختلاف، لا يوجب الاضطراب، بل من شرطه استواء وجوه الاختلاف، فمتى رجح أحد الأقوال قُدِّم" (٣).

فالاختلاف الذي يقع في المتن، أعل به المحدّثون والفقهاء كثيرًا من الأحاديث وأمثلة ذلك كثيرة، فإذا اختُلفت مخارج الحديث وتباعدت ألفاظه أو كان سياق الحديث في واقعة يظهر تعددها، فالذي يتعين القول به أنْ يجعلا حديثين مستقلين .... فأما إذا تعذر الجمع بين الروايات - بأنْ لا يكون المخرج واحدًا - فلا ينبغي سلوك تلك الطريق المتعسفة .. وأما ما يتعذر فيه احتمال التعدد ويبعد فيه أيضًا الجمع بين الروايات فهو على قسمين: أحدهما: ما لا تتضمن المخالفة بين الروايات اختلاف حكم شرعي، فلا


(١) نقله ابن حجر في " فتح الباري " ٥/ ٣٩١ عقب (٢٧١٨).
(٢) " هدي الساري ": ٥٠٩.
(٣) " تحفة الأحوذي " ٢/ ٩١ - ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>