الأربعة. وقال ابن حجر في "التقريب"(٤٠٩٦): «صدوقٌ عابدٌ رُبما وهِمَ، ورُميَ بالإرجاء».
فهذه الأقوالُ تجعلُ في الحكمِ عليه اختلافاً، وقد دافع من دافع عنه عن كل قولٍ فيه، فقالوا: هو من العلماء العابدين كما قاله الذهبي، وقال ابن المبارك: كان من أعبد الناس - انظر ما سبق - ووثَّقه يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين وأبو حاتِم الرازي - على شدتهم في انتقاء الرجال - والحاكم، وقال الذهبي في" الكاشف"(٣٣٨٧): «ثقة مرجئ عابدٌ»، وروى عنه عبد الرحمان بن مهدي ويحيى القطان وابن المبارك وعبد الرزاق ووكيع، وتخريج البخاري له وأحمد وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبزار وابن خزيمة والحاكم وأصحاب السنن وبعض المسانيد والدارقطني والبيهقي معظمهم من طريق نافع عن ابن عمر، مما يعطي لروايته عنه قوة.
فأمَّا من تكلم فيه إنما كان تضعيفهم إيَّاهُ بسبب ما اتهم بالإرجاء، وهي علةٌ غيرُ قادحةٍ في وثاقته، وهذا ما قاله يحيى بن سعيد القطان الذي كان عارفاً بهذا الأمر، فقال:«ثقةٌ في الحديث ليس ينبغي أنْ يُتركَ حديثُه لرأيٍ أخطأ فيه»(١).
وأمَّا طعنهم في روايته بحجة أنَّه روى نسخة موضوعة، فهذا يُرَدُّ عليهم من وجهينِ:
الأول: إنَّ هذه النسخةَ ليست مما جنته يداه، بل أُلصقت به من الضعفاء ممن بعده كما نصَّ على ذلك الحافظ الذهبي.
والآخر: إنَّ الأئمة الحفاظ ممن يعتنون بالحديث وصحته قد خرَّجوا له في كتبهم، ولو كانت له نسخة موضوعة من صُنع يديه لأعرضوا عنه.
فعلى أقلِّ تقدير روايته هذه مقبولةٌ وقد وجد ما يعضدها، والله تعالى أعلم.
ورويَ عن أيوبَ معضلاً، فخرَّجه عبد الرزاقِ (١٨٨٨)، والدارقطني