للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضاً: «لكن اعلم أنَّ السلامة من الغلط والوهم ليست واردة على أحد من رواة الحديث، وإنْ وُصف بكونه (أمير المؤمنين في الحديث). لذا فالخطأ النادر المتميز من الثقة في راوٍ أو إسنادٍ أو متن، لا يسقط به الثقة، إنَّما يُردّ من روايته ذلك الخطأ» (١).

قال ابن رجب: «وجرير بن حازم ربما يهم في بعض الشيء، وهو صدوق» (٢)، وقال الدارقطني: «مبارك بن فضالة ليّن، كثير الخطأ، بصري، يُعتبر به» (٣) وإذا تتبعنا مصادر تراجم الرواة وجدنا عدداً كبيراً من الرواة الذين وصفوا بالخطأ غير أنهم ممن تكتب أحاديثهم أو يعتبر بها، وعليه فإنَّ خطأ الراوي في بعض الأحاديث لا يكون دليلاً على ضعفه، إلا أنْ يكون الخطأ كثيراً، أو أنه يخطئ بأشياء فاحشة الغلط.

وبعض الرواة كثر فيهم الوهم إلا أنَّه لم يؤثر في درجتهم، فقد نقل ابن عدي عن الجوهري أنَّه قال: «أخطأ أبو داود الطيالسي في ألف حديث» (٤)، ونقل عن بندار أنَّه قال: «سمعت أبا داود يقول: حدثت بـ (أصفهان) بأحدٍ وأربعين ألف حديث ابتداءً من غير أنْ أسأل» (٥)، قال ابن عدي مجيباً عن خطأ أبي داود: « .. وقد حدث بـ (أصفهان) كما حكى عنه بندار أحداً وأربعين ألف حديث ابتداءً، وإنَّما أراد به من حفظه، وله أحاديث يرفعها، وليس بعجب ممن يحدث بأربعين ألف حديث من حفظه أنْ يخطئ في أحاديث منها، يرفع أحاديث يوقفها غيره، ويوصل أحاديث يرسلها غيره، وإنَّما أتي ذلك من قبل حفظه، وما أبو داود عندي وعند غيري إلا متيقظ ثبت» (٦).

ومما توهم فيه راويه وأصر على وهمه ظاناً أنه على الصواب، وقد أثبت البحث العلمي أن الصواب مع غيره ما روى مالك، عن محمد بن شهاب الزهريُّ، عن عليِّ بن الحسين، عن عمر بن عثمان،


(١) " تحرير علوم الحديث " ١/ ٤٣٠.
(٢) " فتح الباري " ٥/ ٤٤٣.
(٣) " سؤالات البرقاني " (٤٧٧).
(٤) " الكامل " ٤/ ٢٧٥.
(٥) " الكامل " ٤/ ٢٧٥.
(٦) " الكامل " ٤/ ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>