للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ريب أنَّ الكشف عن الْحَدِيْث المُعَلِّ - بأية علة - يستدعي اطّلاعاً واسعاً، وخبرة بالرجال، ودراية بأقوال النقاد، وملاحظة مواضع كلامهم، ومن هنا كَانَ الحكم عَلَى حَدِيْث ما بالإدراج شَيْئاً ليس بالهين.

لذا نجد الإمام ابن دقيق العيد يضعّف الحكم بالإدراج عَلَى الْحَدِيْث إذا كَانَ اللفظ المدرج في أثناء متن الْحَدِيْث، ويضعف أكثر إذا كَانَ قَبْلَ اللفظ المرفوع، أو معطوفاً عليه بواو العطف (١).

ويُعلِّل هَذَا الضعف بقوله: «لما فِيْهِ من اتصال هَذِهِ اللفظة بالعامل الَّذِيْ هُوَ من لفظ الرسول » (٢).

والحق أنَّه إذا قامت قرائن ومرجحات، تقوّي في نفس الناقد الحكم عَلَى تِلْكَ اللفظة بالإدراج فلا مانع من ذَلِكَ، وفي هَذَا يقول الحافظ ابن حجر: «وفي الجملة إذا قام الدليل عَلَى إدراج جملة معينة، بحيث يغلب عَلَى الظن ذَلِكَ، فسواء كَانَ في الأول أو الوسط أَو الآخِر، فإنَّ سبب ذَلِكَ الاختصار من بعض الرُّوَاة، بحذف أداة التفسير أَو التفصيل، فيجيء مَن بعده فيرويه مدمجاً من غَيْر تفصيل، فيقع ذَلِكَ» (٣).

وَقَد وضع العلماء جملة من القواعد الَّتِيْ يعرف بِهَا كون الْحَدِيْث مدرجاً، يمكننا حصرها فِيْمَا يأتي:

١. أن يَكُوْن لفظه مِمَّا تستحيل إضافته إلى النَّبِيِّ .

مثاله: حَدِيْث عَبْد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هُرَيْرَة ، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله : «للعبدِ المملوكِ الصالحِ أجْرانِ، والذي نفسي بيده، لولا الجهادُ في سبيل الله والحج وبر أمي، لأحبْبتُ أنْ أموتَ وأنا مملوك» (٤).


(١) انظر: " الاقتراح ": ٢٢٤ - ٢٢٥.
(٢) " الاقتراح ": ٢٢٥.
(٣) " نكت ابن حجر " ٢/ ٨٢٨ - ٨٢٩ و: ٥٨٣ بتحقيقي.
(٤) أسنده هكذا الْخَطِيْب في " الفصل للوصل " ١/ ١٦٤ - ١٦٥ ط. الهجرة و ١/ ١١٦ - ١١٨ ط. العلمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>