للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العام. فهذا الحافظ ابن الصلاح يقول: «ثم اعلم أنَّه قد يطلق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث، المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف، المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة في الأصل؛ ولذلك تجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب، والغفلة، وسوء الحفظ، ونحو ذلك من أنواع الجرح، وسمى الترمذي النسخ علة (١) من علل الحديث، ثم إنَّ بعضهم أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف، نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط» (٢).

وعقب الحافظ ابن حجر فقال: «مراده بذلك أنَّ ما حققه من تعريف المعلول، قد يقع في كلامهم ما يخالفه، وطريق التوفيق بين ما حققه المصنف وبين ما يقع في كلامهم أنَّ اسم العلة إذا أُطلق على حديث، لا يلزم منه أنْ يُسمى الحديث معلولاً اصطلاحاً. إذ المعلول ما علته قادحةٌ خفية، والعلة أعم من أنْ تكون قادحة أو غير قادحة، خفية أو واضحة» (٣).

وقد ذكر الصنعاني ما يدل على أنَّ تقييد العلة بكونها خفية قادحة هو عنده قيد أغلبي، حيث قال: «وكأنَّ هذا التعريف أغلبي للعلة، وإلا فإنَّه سيأتي أنهم يعللون بأشياء ظاهرة غير خفية و لا غامضة» (٤).

والفرق بين المعنيين أنَّ المعنى العام هو علم الأولين، أما المعنى الخاص فهو علم المتأخرين، فالأخير هو الذي صنّف فيه المتأخرون، وشددوا على صعوبته

وأهميته ودقته، وقلة من برز فيه على عكس المعنى العام.


(١) وكذلك ابن أبي حاتم كما يُعلم ذلك من صنيعه في علله. انظر حديث (١١٤) و (٢٤٦) ولم يرتض العراقي هذا الإطلاق؛ و ذلك أنَّ الترمذي إنْ أراد أنَّ النسخ علة في العمل، فهو كلام صحيح مقبول، أما إنْ أراد أنَّه علة تقدح في صحة الحديث أو في صحة نقله، فذلك غير مقبول؛ لأنَّ في كتب الصحيح أحاديث كثيرة صحيحة منسوخة. انظر: " شرح التبصرة و التذكرة " ١/ ٢٨٩ بتحقيقي.
(٢) " معرفة أنواع علم الحديث ": ١٩٠ - ١٩١ بتحقيقي.
(٣) " نكت ابن حجر " ٢/ ٧٧١ و:٥٣٧ بتحقيقي.
(٤) " توضيح الأفكار" ٢/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>