فأقول ومن الله التوفيق: فأما اعتراضه على المزي فكما تقدم أنَّ المزي لم ينفرد بتوهيم مالك، وإنَّما هو موافق للأئمة النقاد، فإذا اعترض على المزي فأين هو من الشافعي، والبخاري، ومسلم، وأبي حاتم، والدارقطني، وابن عبد البر وغيرهم؟ فضلاً عن الرواة الذين رووا هذا الحديث عن ابن شهاب، فخالفوا فيه مالكاً.
وأما نقله عن البخاري حيث ألمح إلى قول البخاري:«وقال بعضهم، عن مالك، عن الزهري، عن عباد، عن ابن المغيرة، عن أبيه … » فهم منه أنَّ مالكاً روى هذا الحديث كرواية يونس، وابن جريج، وقبل أن نناقش هذه النقطة لا بد من أن نبين أن المبهم هنا يعني، قوله:«وقال بعضهم» هو روح ابن عبادة (١)، وقد ذكر هذا الطريق الدارقطني في "العلل" ٧/ ١٠٧ (١٢٣٦) وقال عقبه: «فإنْ كان روح حفظه عن مالك هكذا، فقد أتى بالصواب عن الزهري» فأحال الدارقطني ﵀ صواب هذه الرواية وخطأها إلى حفظ روح، ثم إنَّ المحفوظ من طريق مالك أنَّه نسب عباد لولد المغيرة، وجعله الحديث عن عباد، عن المغيرة، كما سبق بيانه، هكذا رواه عنه أصحاب الموطأ وغيرهم، ولا يعقل أنَّ كل أصحاب مالك وهموا في رواية هذا الحديث ليخالفهم واحد فقط، فيحفظ الحديث على الصواب، ثم ألا ترى إلى صنيع البخاري حيث إنه قدم رواية يونس، وابن جريج، ثم بعد ذلك ساق رواية مالك، وقال عقبه:«وهم .. » ثم ساق هذه الرواية، فيكون هذا الصنيع دليلاً على ضعف روايته هذه.