ضَعْفُهُ عندنا - والله أعلم - لأنَّه لا يروى مثل هذا عن النَّبيِّ ﷺ إلا من هذا الوجه، عن عاصم بن ضَمْرة، عن عليٍّ، وعاصمُ بنُ ضمرةَ هو ثقة عند بعض أهلِ الحديث».
قال البزار عقب (٦٧٣): «ولا نعلم يروى هذا الكلام، وهذا الفعل إلا عن عليٍّ، عن النَّبيِّ ﷺ».
وقال البيهقي ٣/ ٥١:«تفرّد به عاصمُ بن ضمرةَ، عن عليٍّ ﵁، وكان عبد الله بن المبارك يضعّفُهُ، فيطعنُ في روايته هذا الحديث، والله أعلم».
قلت: إنْ كان ابن المبارك ضعّف الحديث بسبب عاصم بن ضمرة فإنَّه اجتهاد قاده لهذا التضعيف، على أنَّ عاصماً وثّقه بعض أهل الحديثِ، وهو صريحٌ فيما قاله الترمذيُّ، وفيما قاله ابن سعد في " الطبقات " ٦/ ٢٤٥: «وكان ثقة وله أحاديث»، وقال عليُّ بن المديني فيما نقله ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ٦/ ٤٤٩ (١٩١٠): «ثقة»، وقال العجلي في " الثقات"(٨١١): «تابعيٌّ ثقة»، وقال النَّسائيُّ فيما نقله المزي في " تهذيب الكمال " ٤/ ١٠ (٢٩٩٩): «ليس به بأس»، وقال ابن حجر في " التقريب "(٣٠٦٣): «صدوق».
وإنْ كانَ ابن المبارك قد اطّلعَ على علةٍ خفية ضعف لأجلها الحديث فهذا واردٌ ومحتَمَلٌ إذ هو أحد أكابر هذا الفن، وليسَ بغريبٍ أنْ يطّلعَ على ما لم يطلع عليه غيره، والله أعلم.
وقول حبيب بن أبي ثابت لأبي إسحاق:«يسوى حديثك هذا ملء مسجدك ذهباً» إنَّما أراد به تصحيحَ الحديث وتقويته.
أقول: في رواية الإمام أحمد السابقة وصف تفصيلي لصلاته ﷺ مع ملاحظة أنَّ عامة ما ذكره علي بن أبي طالب ﵁ إنَّما هو لصلاة النهار، دون ذكر صلاة الليل في شيء، وهذه قرينة مهمة في ترجيح رواية النهار على رواية الليل، والله أعلم.
وقد وهم الحافظ ابن حجر ﵀ في " التهذيب " ٢/ ١٣٤ فجعل هذه الكلمة - أي قول حبيب بن أبي ثابت - ثناءً على الحارث الأعور، فقد ذكرها