للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَكعةً مِنَ الجمعةِ وَغيرِها، فَقَدْ أَدرَكَ الصلاةَ». فسمعت أبي يقول: هَذَا خطأ إنما هُوَ الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبِيّ » (١).

وَقَالَ الحافظ ابن حجر: «إن سَلِمَ من وهم بقية، ففيه تدليسه التسوية؛ لأنَّه عنعن لشيخه» (٢).

وَقَالَ ابن أبي حاتم أَيْضاً: «سألت أبي عن حَدِيْث رَوَاهُ بقية، عن يونس، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكعةً مِن صلاةِ الجمعةِ وَغَيرِها، فَقَدْ أَدْرَكَ». قَالَ أبي: هَذَا خطأ الْمَتْن والإسناد إنما هُوَ: الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبِيّ : «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ صلاةٍ رَكعةً، فَقَدْ أَدْرَكَها»، وأما قوله: «مِنْ صَلاةِ الجمعةِ» فليس هَذَا في الْحَدِيْث، فوهم في كليهما» (٣).

ولعل قائلاً يقول: هذا الطريق لا يُرى فيه تدليس بقية، وقد جعلتموه مثالاً للتدليس؟

فأقول: هذا المثال الذي ذكرته غايتي الكبرى فيه أنْ أنبه طلبة العلم على خطر التسارع في إصدار الأحكام، فقد يأتي متعجل فيحكم بضعف الحديث لعنعنة بقية، ولا يتنبه على علته الكبرى فيه، والمتمثلة بمخالفته لمن هم أكثر منه عدداً، وأتقن حفظاً، وذلك في سند الحديث ومتنه. وأما عن تدليس بقية فقد أشار لذلك الحافظ. فإشارة الحافظ مع ما جاء من بيان في حديث: «لا تَحمدوا إسلامَ امرئٍ» أغنى بذلك عن الاستزادة، ومما يجب التنبه عليه أنَّ الباحث قد يجد علة في حديث ما في مبدأ بحثه في طرق الحديث، فعليه الحذر غاية الحذر من وجود علة أخرى في الحديث، وذلك أنَّ الراوي إذا لم يضبط سند الحديث فقد يجره سوء حفظه إلى الوقوع في مطب الوهم في المتن كما في حديث بقية، والله الموفق.


(١) " علل الْحَدِيْث " (٦٠٧).
(٢) " التلخيص الحبير " ٢/ ١٠٧ (٥٩٣). وانظر: " التمهيد " ٧/ ٦٤، و" نصب الراية " ١/ ٢٢٨.
(٣) " علل الْحَدِيْث " (٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>