للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول من فتّش عن أمر المحدّثين (١).

وقد شهد له من جاء بعده، قال الشافعي: «لولا شعبة ما عُرف الحديث بالعراق» (٢) وقال ابن رجب: «وهو أول من وسّع الكلام في الجرح والتعديل، واتصال الأسانيد وانقطاعها، ونقّب عن دقائق علم العلل، وأئمة هذا الشأن بعده تبع له في هذا العلم» (٣)، وقال السمعاني: «هو أول من فتّش بالعراق عن أمر المحدّثين» (٤) هذا هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج المتوفَّى سنة (١٦٠ هـ) وحُقّ لعلم العلل أنْ يكون إناهُ على يديه.

وقد أخذ عن شعبة يحيى بن سعيد القطان، وهو من أوائل من صنّف كتاباً في العلل كما ذكر ابن رجب (٥)، وأخذ عنه أيضاً عبد الرحمان بن مهدي وهو من رجال هذا الفن، وعنهما أخذ يحيى بن معين وإليه تناهى علم العلل، وفيه قال أحمد: «ها هنا رجل خَلَقه الله لهذا الشأن» (٦)، وعلي بن المديني شيخ البخاري الذي قال عنه أبو حاتم: «كان علي بن المديني عَلَماً في الناس في معرفة الحديث والعلل» (٧)، وأحمد بن حنبل، ثم جاء بعدهم البخاري طبيب الحديث في علله، ومسلم الذي أماط اللثام عن علل خفية في أحاديث الثقات في كتابه " التمييز "، وأبو داود الذي قرر قاعدة عظيمة في هذا الباب مغزاها أنَّه قد يخرّج الحديث المعلول، ويسكت عن بيان علته بقوله: «لأنَّه ضرر على العامة أنْ يكشف لهم كل ما كان من هذا الباب … ؛ لأنَّ علم العامة يقصر عن مثل هذا» (٨)، وأبو زرعة الذي لمّ شتات هذا العلم مع أبي


(١) انظر: " اللباب في تهذيب الأنساب " ٢/ ١٠٣، و " مقدمة شرح علل الترمذي " ١/ ٣٠ ط. همام، و " العلة وأجناسها ": ٣٠.
(٢) " الجامع لأخلاق الراوي " (١٥٢٢).
(٣) " شرح علل الترمذي " ١/ ١٧٢ ط. عتر و ١/ ٤٤٨ ط. همام.
(٤) " الأنساب " ٣/ ٣١٨ (العتكي).
(٥) انظر: " شرح علل الترمذي " ٢/ ٨٠٥ ط. عتر و ٢/ ٨٩٢ ط. همام، و" جامع العلوم والحكم "، له ٢/ ١٣٣ ط. العراقية و: ٥٧٩ - ٥٨٠ ط. ابن كثير.
(٦) " تاريخ بغداد " ١٦/ ٢٦٨ ط. الغرب.
(٧) " تقدمة المعرفة ":٢٦٤.
(٨) " رسالة أبي داود إلى أهل مكة ": ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>