للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه، وأما الذين تكلم الأئمة فيهم فقالوا مثلاً: (مجهول) أو: (لم يرو عنه إلا فلان) أو: (لا يعرف من هو) وغير ذلك من الإطلاقات فإنَّ احتمال تقويته يتضاءل مع تلك النصوص، ومهما يكن من أمر فإنَّ مجهول العين أعلى من المبهم؛ لأنَّك وفي أضعف الاحتمالات عرفت اسمه ووقفت على شيخ واحد وتلميذ واحد، فكيف يستوي من كان بهذا الوصف مع الموصوف بالإبهام اسماً وعدالة؟! وقد قال الحافظ ابن عبد الهادي في راو مبهم: «فإنَّه شيخ مبهم وهو أسوأ حالاً من المجهول» (١).

القسم الثاني: مجهول الحال: المقصود به: أنْ تكون عين الراوي معروفة عند النقاد، أو هو الذي علمت عدالته في الظاهر، وجهلت في الباطن، وعنده ما لا يقل عن شيخين وكذا من التلاميذ. ولكن لم يطلع على عدالته ولم تختبر مروياته فيطلق عليه مجهول الحال. ويلتحق به من له تلميذ واحد عُرف عن ذلك التلميذ أنَّه يحتاط في الأخذ عن شيوخه ويتجنب المجروحين، قال يعقوب ابن شيبة: «قلت ليحيى بن معين: متى يكون الرجل معروفاً؟ إذا روى عنه كم؟ قال: إذا روى عن الرجل مثل ابن سيرين والشعبي، وهؤلاء أهل العلم فهو غير مجهول. قلت: فإذا روى عن الرجل مثل سماك بن حرب وأبي إسحاق قال: هؤلاء يروون عن مجهولين» (٢) قال الحافظ ابن رجب عقب كلام يحيى السابق: «وهذا تفصيل حسن، وهو يخالف إطلاق محمد بن يحيى الذهلي الذي تبعه عليه المتأخرون أنه لا يخرج الرجل من الجهالة إلا برواية رجلين فصاعداً عنه» (٣).

فهذا الراوي وإن ارتفعت جهالة عينه، فإنه لم تثبت أهليته للحديث؛ لأنَّ رواياته لم تسبر؛ ولأنَّ حاله مع علم الحديث من حيث عدد الشيوخ أو التلاميذ لا يوحي بأنَّه من أهله.


(١) " الصارم المنكي ": ١٣١، وانظر: ١٣٥ منه.
(٢) نقله ابن رجب في " شرح علل الترمذي " ١/ ٨١ - ٨٢ ط. عتر و ١/ ٣٧٧ - ٣٧٨ ط. همام.
(٣) " شرح علل الترمذي " ١/ ٨٢ ط. عتر و ١/ ٣٧٨ ط. همام.

<<  <  ج: ص:  >  >>