للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدرى هل أخذ عنهم قبل الاختلاط أو بعده. وهذا ما نراه جلياً في حكم أئمة الجرح … والتعديل على المختلطين (١).

الاختلاط والتخليط والتغير:

تقدم في أسباب العلة الكلام عن الاختلاط، وأزيد هنا بعض الأمور منها:

أ- الاختلاط غير التلخيط: فالاختلاط معروف وأما التخليط فهو:

«اختلال عارض في الضبط يقع في حال الصحة لا الخرف» (٢)، قال ابن حبان: «إنَّ من اختلط عليه ما سمع بما لم يسمع، ثم لم يرع عن نشرها بعد علمه بما اختلط عليه منها حتى نشرها وحدث بها وهو لا يتيقن بسماعها لبالحري أنْ لا يُحتج به في الأخبار؛ لأنَّه في معنى من يكذب وهو شاك، أو يقول شيئاً وهو يشك في صدقه، والشاك في صدق ما يقول لا يكون بصادق، ونسأل الله الستر، وترك إسبال الهتك إنَّه المان به» (٣)، والاختلاط ليس حالة تواكب الراوي حتى الموت، بل قد يكون عارضاً في بعض الأوقات، من ذلك قول أبي داود: «قال معمر: احتجمت فذهب عقلي حتى كنت أُلقن فاتحة الكتاب في صلاتي، وكان احتجم على هامتِهِ» (٤)، قال السخاوي: «وبلغني أنَّ البرهان الحلبي عرض له الفالج فأُنسي كل شيء حتى الفاتحة، ثم عوفي، وكان يحكي عن نفسه أنَّه صار يتراجع إليه محفوظه الأول كالطفل شيئاً شيئاً، وأَعجب من هذا ما ذكره القاضي عياض: أنَّ إبراهيم بن محمد الحضرمي المعروف بابن الشرقي المتوفَّى في سنة ست وتسعين وثلاثمئة كان قد حصل له قبل موته بثلاثين شهراً فالج فلم يكن ينطق بغير لا إله إلا الله، ولا يكتب غير بسم الله الرحمن الرحيم، فكان ذلك من آيات الله» (٥). وهناك ثلاثة أنواع


(١) انظر على سبيل المثال: " الجرح و التعديل " ٤/ ٣ (١) و ٤/ ٣٨٣ (١٨٣٠) و ٦/ ٣١٥ (١٣٤٧) و ٦/ ٤٣٠ (١٨٤٨).
(٢) " تحرير علوم الحديث " ١/ ٤٥٤.
(٣) " المجروحين " ١/ ٣٦٩.
(٤) " سننه " عقب (٣٨٦٠).
(٥) " فتح المغيث " ٣/ ٢٩١ - ٢٩٢ ط. العلمية و ٤/ ٤٩٦ - ٤٩٧ ط. الخضير.

<<  <  ج: ص:  >  >>