سعيد، وحماد بن سلمة قال: عن الجريري، عن أبي العلاء، عن النبي ﷺ … حماد بن سلمة والثقفي سماعهما واحد». يعني بذلك: أنَّ سماع
عبد الوهّاب الثقفي مثل سماع حماد بن سلمة كلاهما قبل اختلاط الجريري.
وقال ابن حجر في " نتائج الأفكار " ١/ ١٢٤: «وغفل ابن حبان والحاكم عن علته؛ فصححاه» وقال بعد ذكر روايات الحديث: «وكل من ذكرناه سوى حماد والثقفي سمعوا من الجريري بعد اختلاطه فعجب من الشيخ - أي: النووي - كيف جزم بأنَّه حديث صحيح … ويحتمل أنْ يكون صحيح المتن لمجيئه من طريق آخر حسن أيضاً، والله أعلم».
فعلى هذا فالرواية المرسلة أصح، والرواية المتصلة معلولة باختلاط الجريري.
وكنت في السابق أتبع الدكتور بشار عواد معروف في تصحيحه للرواية المتصلة؛ إذ كان الدكتور يصحح الرواية المتصلة ويرجحها على المرسلة بحجة أنَّ خالد بن عبد الله الواسطي ممن روى عنه البخاري ومسلم عن الجريري في صحيحيهما، إلا أنني توصلت إلى قناعة وهي أنَّ البخاري ومسلماً قد انتقيا من رواية المختلطين وممن روى عنهم بعد الاختلاط انتقاءً دقيقاً، فهما لم يخرجا لراوٍ سمع راوياً آخر بعد اختلاط الراوي الأخير، وقد خالفه منْ سمع الأخير قبل اختلاطه كما هو الحال هنا في رواية خالد، عن الجريري فلا تصح رواية خالد الواسطي، عن الجريري في الصحيحين أنْ تكون حجة لترجيح روايته هنا؛ لأنَّه خالف حماد بن سلمة وعبد الوهّاب الثقفي، وكلاهما سمع من الجريري قبل اختلاطه كما مر تبيانه. وما ينطبق على رواية خالد ينطبق على رواية حماد ابن أسامة، والتي احتج بها الدكتور أيضاً لترجيح الرواية المتصلة، زد على ذلك أنَّ حماد بن أسامة وُلد سنة (١٢١ هـ) وتوفي سنة (٢٠١ هـ) فهو من طبقة يزيد بن هارون، وابن أبي عدي، وقد قال العجلي في " معرفة الثقات " ١/ ٣٩٤: «روى عنه في الاختلاط يزيد بن هارون، وابن المبارك، وابن أبي عدي. كلما روى عنه مثل هؤلاء الصغار فهو يختلط … » فهذه إشارة من العجلي يستوضح بها في تلاميذ الجريري.