الدارمي (٦٧٤)، إلا أنَّه اتهم بسرقة الحديث، إذ قال الإمام أحمد بن حَنْبل فيما نقله عنه ابن عدي في " الكامل " ٩/ ٩٦: «قد جاء ابن الحماني إلى هاهنا فاجتمع عليه الناس، وكان يكذب جهاراً ابن أبي شيبة على حال
يصدق (١)، ما زلنا نعرف ابن الحماني أنّه يسرق الأحاديث ويتلقطها».
بعد عرض هذا الحديث يبدو الفرق واضحاً بين إعلال المتقدمين لهذا الحديث، وبين تسرع المتأخرين في تصحيحه، لا سيما وقد اتفق على تضعيفه عالمان جليلان من مدرستين مختلفتين:
أولهما: الإمام المبجل أحمد بن حنبل، وثانيهما: الإمام الجهبذ محمد بن عيسى الترمذي تلميذ البخاري وخرّيجه، وهذا الجزم منهما على أنَّ الحديث حديث أبي هارون هو حكم ناتج عن استقراء تام للمرويات، ولم يخفَ عليهم طريق عباد بن العوام، عن الجريري، وأنَّه إسناد خطأ مركب، لذا كان قول الإمام المبجل أحمد بن حنبل:«ما خلق الله من ذا شيئاً» نصاً صريحاً في الحكم على خطأ الحديث.
وانظر:" تحفة الأشراف " ٣/ ٤٢٤ (٤٢٦٢).
وقد يروي المختلط حديثاً فيرويه من روى عنه قبل اختلاطه على وجهٍ، ويرويه من روى عنه بعد اختلاطه على وجه مخالف، مما يجعل النفس تطمئن إلى رواية من رواه عنه قبل الاختلاط لأنها هي الأصل، ثم تأتي قرينة خارجية تعضد الرواية الأولى فيجزم الناقد ولا يتردد بتصويب رواية من روى عن المختلط قبل الاختلاط، مثاله ما روى إبراهيم بن طهمان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النَّبيِّ ﷺ: «أنَّ نبيَّ الله سليمانَ كانَ إذا قامَ يُصلي رأى شجرةً نابتةً بينَ يديهِ، فيقول لها: ما اسمُكِ؟ فتقول: كذا، فيقول: لأيِّ شيءٍ أنتِ؟ فتقول: لكذا، فإنْ كانتْ لدواه كتبت، وإنْ كانَتْ منْ غرسٍ غرستْ، فبينما
(١) هكذا في المطبوع، ويظهر أنَّ في الإسناد سقطاً، وما أكثره في هذه الطبعة الرديئة.