للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون مقدماً لما سبق، وإن تعرض لنفيه بأن قال: رأيت فلاناً المدعى قتله حياً بعد ذلك فهاهنا يتعارضان، ويصح ترجيح أحدهما على الآخر بكثرة العدد، وشدة الورع والتحفظ وزيادة البصيرة إلى غير ذلك مما ترجح به إحدى الروايتين على الأخرى» (١).

٢ - التعديل مقدم على الجرح: إذا كان المعدلون من الأئمة المعروفين بهذا الشأن فيقدم قولهم على قول الجارح، فإنْ قيل: إنَّ هذا القول يتنافى مع قول ابن الصلاح: «فإن كان عدد المعدلين أكثر فقد قيل: التعديل أولى. والصحيح والذي عليه الجمهور: أنَّ الجرح أولى لما ذكرناه، والله أعلم» (٢).

فنقول: لا تعارض بين القولين، وإنَّما القولان يفسر أحدهما الآخر، فإنَّ القول الأول مطلق، قيده القول الثاني، فإذا رأيت الكبار - غالبهم - على توثيق راوٍ ما، ومخالفوهم على تضعيفه فلا عبرة بمن خالفهم؛ لأنَّ قول الجمهور مقيد بكون المعدلين من الأئمة المعروفين لا ينافيه قول ابن الصلاح، والله أعلم.

ويلتحق بمبحث تقديم التعديل على الجرح بعض المباحث فمنها إذا كان الجارح زائغاً عن الحق، بأنْ كان معروفاً ببدعة، وكان المجروح على نقيض تلك البدعة كأن يكونا ناصبياً ورافضياً وغيرها، وكان الجمهور على توثيق أحدهما فيكون التعديل مقدماً على الجرح. ومنها إن كان الجارح والمجروح من الأقران، فإن جرح أحدهما الآخر، فتأن ولا تهجم على تضعيفه حتى

تراجع كلام بقية النقاد فإن وجدتهم يوثقونه فاعمل بما أجمعوا ولا تنظر إلى مخالفهم.

ويلتحق به أيضاً إذا كان الجارح فيه حدة كأن يكون الجارح يحيى بن سعيد القطان أو أبا حاتم الرازي وأمثالهم، وكان مخالفوهم من المتوسطين كأن يخالفهم أحمد والبخاري وأبو زرعة؛ فقول الفريق الثاني أقرب بما عرفته من حال الفريق الأول.


(١) " الإحكام في أصول الأحكام " ٢/ ٨٧.
(٢) " معرفة أنواع علم الحديث ": ٢٢١ بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>