للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحريف، ولزمتهم هُجنةُ التقصير، وصاروا سُبة على أهل الحديث، تُنثى (١) زلاتهم، وتذكر عثراتهم» (٢).

فسبب وهم الراوي هو تشابه الرواة في الأسامي والكنى والألقاب والأنساب وغيرها ..

وأكثر الأسماء اشتباهاً ما تقاربت عصور أهله، واتفقت صورها، واختلفت حروفها. فيقلب اسماً إلى اسم آخر أو يصحفه، وأشده إذا اشتبه عليه ضعيف بثقة: «وهذا في الغالب يحصل بسبب اتفاق راويين في الاسم واسم الأب، أو كون اسميهما على وزن صرفي واحد، مع اتفاق اسمي أبويهما كما في عبد الرحمان بن يزيد بن تميم، وعبد الرحمان بن يزيد بن جابر، فالأول ضعيف، والثاني ثقة، وكذا واصل بن حيان، وصالح بن حيان، فالأول ثقة والثاني ضعيف» (٣)، وهذا تحقيق مقولة الحاكم : «ومن تهاون في معرفة الأسامي أورثه مثل هذا الوهم» (٤).

ومن بُعد نظر بعض المحدّثين امتناعهم عن تحديث من لا يفرّق بين المشتبه من الأسماء، ولا يميز بين المتشابه من الكنى، كما حصل مع سعيد بن أبي مريم فيما نقله الرامهرمزي بسنده إلى عثمان بن سعيد الدارمي، قال: «كنا عند سعيد بن أبي مريم بمصر، فأتاه رجل فسأله كتاباً ينظر فيه، أو سأله أن يحدثه بأحاديث فامتنع عليه، وسأله رجل آخر في ذلك فأجابه، فقال له الأول: سألتك فلم تجبني، وسألك هذا فأجبته، وليس هذا حق العلم! أو نحوه من الكلام، قال: فقال سعيد بن أبي مريم: إن كنت تعرف الشيباني من السيباني، وأبا جمرة من أبي حمزة، وكلاهما عن ابن عباس حدثناك


(١) أي: تنشر كما في " اللسان " مادة (نثث) وهذا من بديع كلام الخطابي؛ إذ هو معنى ما بعده أتى به مع عدم التكرار.
(٢) " غريب الحديث " ١/ ٥٧.
(٣) " علل ابن أبي حاتم " ١/ ١٥١ ط. الحميّد (المقدمة).
(٤) " معرفة علوم الحديث ": ١٧٨ ط. العلمية و عقب (٤٤٢) ط. ابن حزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>