وقال الحاكم ٢/ ١٦٨ - ١٦٩:«فقد صحّ وثبت بروايات الأئمة الأثبات سماع الرواة بعضهم من بعض، فلا تعلل هذه الروايات بحديث ابن علية وسؤاله ابن جريج عنه وقوله: إني سألت الزهري عنه ولم يعرفه، فقد ينسى الثقة الحافظ الحديث بعد أن حدَّث به، وقد فعله غير واحد من حفاظ الحديث»(١).
وقال ابن الجوزي في " التحقيق " عقب (١٦٨٤): «فإنْ قيل: قد قال ابن جريج: لقيت الزهري فأخبرته بهذا الحديث فأنكره، قلنا: هذا الحديث صحيح ورجاله رجال الصحيح … وما ذكرتموه عن ابن جريج ليس في هذه الرواية التي ذكرناها».
وقال الشيخ الألباني في " الإرواء " ٦/ ٢٤٦ (١٨٤٠): «لا يصلح الاعتماد على هذه الحكاية في الطعن في سند الحديث».
قلت: إلا أنَّ هناك من تابع ابن علية على ذكر قول ابن جريج هذا.
فقد أخرجه: ابن عدي في " الكامل " ٤/ ٢٥٥ من طريق الشاذكوني، قال: حدثنا بشر بن المفضل، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، به فذكر قول ابن جريج المذكور سالفاً.
وهذا حديث إسناده تالف؛ فيه الشاذكوني - وهو سليمان بن داود - قال عنه يحيى بن معين فيما نقله ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ٤/ ١١٢ (٤٩٨): «كذاب عدو الله، كان يضع الحديث»، وقال أحمد بن حنبل فيما أسنده إليه العقيلي في " الضعفاء الكبير " ٢/ ١٢٨: «كان يحيى بن سعيد يُسمِّي الشاذكوني: الخائب»، وقال البخاري في " التاريخ الصغير " ٢/ ٣٣٤: «فيه نظر»، وقال أيضاً فيما نقله الخطيب في " تاريخ بغداد " ٩/ ٤٧ وفي ط. الغرب ١٠/ ٦٣:«هو عندي أضعف من كل ضعيف»، وقال صالح جزرة فيما نقله
(١) قولا ابن حبان و الحاكم يصبان في مجمع نسيان الزهري، فإنه واهم عندهم، وسبب الوهم نسيانه ما حدث به. وليس الأمر كذلك، فإن حديث ابن علية شاذ لمخالفة الرواة عن ابن جريج بذكر زيادة: «فلقيت الزهري .. » فلم ترد عند بقية الرواة.