للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يتوارد جماعة على الخطأ فيسلكوا الجادة، ويكون الوهم منهم جميعاً.

«إلا أنَّ الأئمة يرون أنَّ هؤلاء الجماعة وإن اتفقوا، إلا أنَّ ما اتفقوا عليه مما يسهل أنْ تتوارد عليه الأذهان، وأنْ يتفق على الخطأ فيه الجماعة، كأنْ تكون روايتهم جارية على الجادة المعهودة، ورواية الحفاظ على خلاف

الجادة» (١). فسلوك غير الجادة دال على مزيد التحفظ، والسلسلة المعروفة تسبق إليها الألسن بخلاف السلسلة الغريبة لا يقولها إلا حافظ.

قال ابن رجب: «فإنْ كان المنفرد عن الحفاظ مع سوء حفظه قد سلك الطريق المشهور، والحفاظ يخالفونه، فإنَّه لا يكاد يُرتاب في وهمه وخطئه؛ لأنَّ الطريق المشهور تسبق إليه الألسنة والأوهام كثيراً، فيسلكه من لا يحفظ» (٢).

ويطرأ سلوك الجادة في المتن وهو قليل، وفي السند وهو الغالب (٣)، وليس سلوك الجادة مقتصراً على راوٍ واحد، بل قد يسلكها جماعة عن راوٍ واحد، يقول ابن حجر: «ورواه سفيان بن عيينة ومعتمر بن سليمان ومحمد بن عبيد، عن عبيد الله بن عمر بإسقاطه وكأنَّهم سلكوا الجادة؛ لأنَّ عبيد الله بن عمر معروف بالرواية عن نافع مكثر عنه» (٤).

إنَّ وقوع الخطأ في الأسانيد المشهورة كان بسبب سلوك الجادة، لتعلقه بذهن الرواة، لا سيما من خفَّ ضبطه عن المكثرين، فكيف بالضعفاء إذا رووا عنهم (٥)! ومن الأسانيد التي تسبق إليها الألسنة:

١ - مالك، عن نافع، عن ابن عمر.

٢ - هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.


(١) " الإرشادات في تقوية الأحاديث ": ٢٩٦.
(٢) " شرح علل الترمذي " ٢/ ٧٢٥ ط. عتر و ٢/ ٨٤١ ط. همام.
(٣) انظر: " قواعد العلل وقرائن الترجيح ": ٧٤.
(٤) " فتح الباري " ١٠/ ٤٤٧ عقب (٥٩٢١).
(٥) انظر: " قواعد العلل وقرائن الترجيح ": ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>