للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا القسم يتناول أخطاء الرواة في متون الأحاديث من زيادة لفظ أو اختصار أو معارضة، ويتناول أيضاً دارسة هذه الأخطاء وبيانها، ومرجع علل المتن في الأصل إلى الإسناد؛ لأن خطأ الرواة بزيادة لفظ في المتن وإغرابه عن بقية الرواة هي علة في الإسناد، ودراسة علل المتون لا تبحث في مجرد الزيادات أو الاختصارات بل تبحث في توافق الروايات مع بعضها أو تنافرها، ولما كان هذا القسم يدخل في أقوال وأفعال النبي أولاه النقاد جل اهتمامهم. وهذا ليس لأهل الحديث خاصة، بل إنَّ البحث والتنقير في متون الأحاديث تعداهم إلى الأصوليين فوضعوا شرائط خاصة لقبول الأحاديث، قال الزركشي: «أن يكون مما يصح كونه، ولا يستحيل في العقل وجوده، وأنْ لا يكون مخالفاً لنص مقطوع بصحته، ولا مخالفاً لإجماع الأمة والصحابة، وأنْ لا يخالفه دليل

قاطع، لقيام الإجماع على تقديم المقطوع على المظنون، فإنْ خالفه قاطع عقلي ولم يقبل التأويل علم أنَّه مكذوب على الشارع، وإن قبله تعيين تأويله جمعاً بين الدليلين، وإن كان سمعياً، ولم يمكن الجمع فكذلك، وإن علم تأخر المقطوع عنه حمل أنَّه منسوخ به، وأن لا ينفرد راويه بما جرت العادة أن ينقله أهل التواتر، أو يجب عليهم علمه فإن انفرد لم يقبل» (١).

أقول: هذا الذي شرطه الأصوليون دليل عميق على شدة ترابط أواصر العلوم الشرعية فيما بينها فإنَّ عموم هذه الضوابط لخصها المحدثون بقولهم: «غير شاذ ولا معلل». ومنه تعلم أنَّ العلوم الشرعية تعوم في فلك الكتاب والسنة، وأنَّها تدور في أفلاك متراصة.

وقد سبق القسم الأول بقضه وقضيضه، والذي تناول العلل التي تصيب الإسناد، وها هو ذا القسم الثاني من العلل التي تطرأ على المتن، سأذكر أنواعها متكلماً عن كل ضرب منها في موطنه.


(١) " البحر المحيط " ٣/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>