للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عرّف أحد الباحثين (التلقين) بأنَّه: «إدخال شيء في حديث الراوي ليس من مروياته سواء في حفظه أو كتابه دون علمه فيحدث به»، وانتقد عليه قوله صاحب " العلة وأجناسها " فقال: «وعلى تعريفه ملاحظات» ذكرها ثم قال: «وكأنَّه عرّف التلقين القادح فقط»، وصوّب تعريفه وذكر مثالاً له (١).

والفارق بين التلقين والإدخال على الشيوخ، أنَّ الأول يكون مشافهة وبعلم المُلقَّن، أما الثاني فيكون في الكتاب وبغير علم الراوي المدخَل عليه.

ومن أسباب قبول التلقين: ضعف الراوي، وعلو منزلة المُلقِّن واشتهاره بالحفظ، والاعتماد على الكتاب ثم التحديث من الحفظ … (٢).

ويجدر بالذكر أنَّ التلقين وسيلة مهمة في امتحان الرواة، والحكم عليهم بها شائع، جوّزه جماعة من العلماء فاستفادوا منه في معرفة عدالة الراوي وضبطه. كما سقط في الامتحان جماعة من الرواة فتكلم فيهم النقاد (٣). وخير ما يتمثل به قصة رفسة أبي نعيم ليحيى بن معين فيما نقله الخطيب بسنده، عن أحمد بن محمد بن الجراح أبي عبد الله، قال: «سمعت أحمد بن منصور الرمادي يقول: خرجت مع أحمد بن حنبل ويحيى بن معين إلى عبد الرزاق، خادماً لهما، فلما عُدنا إلى الكوفة قال يحيى بن معين لأحمد بن حنبل: أريد أختبر أبا نعيم. فقال له أحمد بن حنبل: لا تريد، الرجل ثقة. فقال يحيى بن معين: لا بد لي. فأخذ ورقة فكتب فيها ثلاثين حديثاً من حديث أبي نعيم، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثاً ليس من حديثه، ثم جاؤوا إلى أبي نعيم فدقوا عليه الباب فخرج، فجلس على دكان طين حذاء بابه، وأخذ أحمد بن حنبل فأجلسه عن يمينه، وأخذ يحيى بن معين فأجلسه عن يساره، ثم جلست أسفل الدكان، فأخرج يحيى بن معين الطبق فقرأ عليه عشرة أحاديث، وأبو نعيم ساكت، ثم قرأ الحادي عشر، فقال أبو


(١) انظر: " العلة وأجناسها ": ١٧٣ - ١٧٤.
(٢) انظر: " علل الحديث ١/ ١٢٣ ط. الحميّد (المقدمة).
(٣) انظر: " الجرح والتعديل " لإبراهيم اللاحم: ٥٣ - ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>