للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبكي وقدْ غفرَ اللهُ لكَ ما تقدَّمَ وما تأخّرَ؟ قال: «أفلا أكون عَبداً شكوراً؛ لقد نزلت عليَّ الليلة آيةٌ، ويلٌ لمنْ قرأها ولم يتفكر فيها: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ .. ﴾ الآية كلها (١).

قال الطحاوي في " شرح مشكل الآثار " عقب (٤٦١٨) وفي (تحفة الأخيار) عقب (٥٩٣٨): «فقال قائل: فهذا بخلاف حديث ابن عباس … ؛ لأنَّ في حديث ابن عباس أنَّ إنزال الله تعالى كان لهذه الآية على رسوله للسبب الذي ذكره ابنُ عباس في حديثه، وفي حديث عائشة هذا إنزاله إياها على رسول الله عند الذي كان منه من صلاته ورِقّة قلبه عندها. فكان جوابنا له في ذلك: أنْه لا اختلافَ في هذين الحديثين ولا تضادَّ؛ لأنَّ الذي في حديث ابن عباس هو ذكر سؤال قريش رسول الله ، ما ذكر من سؤالها إياه فيه، وتخيير الله ﷿ إياه بَيْنَ الشيئين المذكورين في ذلك الحديث، واختياره لسائليه ما هو في العاقبة أَحمدُ، ومآلهم فيه السبب الذي يكون إيصالاً لهم إلى الجنة، وفوزاً لهم من عذابه، وكان إنزال الله ﷿ الآية التي أقام بها الحجةَ عليهم في الليلة التي أنزلها فيها عليه، وهو في بيت عائشة، وكان ابن عباس قد تقدّم علمُهُ بالسبب الذي كان من أجله نزولها، ولم يكن ذلك تقدَّم عند عائشة، فعاد بحمد الله ونعمته جميع الآثار التي رويناها في هذا الباب إلى انتفاء التضاد لها، والاختلاف عنها، والله الموفق».

قلت: كلام الطحاوي لا ينفي التعارض بين الحديثين فحديث ابن عباس يقتضي كون الآية مكية، في حين أنَّ حديث عائشة صريح في كون الآية نزلت على رسول الله في المدينة، كما أنَّ المشهور في كتب التفسير أن سورة آل عمران مدنية.


(١) اللفظ لابن حبان، وهذا النص يتشرق منه أنَّ عطاءً مرة يضيف إلى نفسه عبد الله بن عمر ومرة لا يذكره، ومرة يجعل المتكلم ابن عمر ومرة يجعله عبيد بن عمير والرواية التي فيها ابن عمر هي رواية أبي جناب، وقد ضعفوه، والرواية التي فيها عبيد بن عمير رواية عبد الملك وهو أرسخ قدماً من أبي جناب.

<<  <  ج: ص:  >  >>