العاشر: أن الشارع الحكيم ينفي اسم الإيمان عن الشخص لانتفاء كماله الواجب، فإن كان معه بعض أجزائه.
كما نفى الإيمان عن بعض أهل الكبائر من الذنوب في الحديث الصحيح:"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن".
والمعنى هنا أن الشارع ينفي الإيمان المطلق عمن ارتكب شيئًا من هذه الكبائر، ومن انتفى عنه الإيمان المطلق، فقد انتفى عنه الأمن المطلق، وهو متعرض للوعيد في الآخرة.
أو -كما سيأتي- أن هذا العاصي خرج من الإيمان إلى الإسلام.
وعلى ذلك تحمل النصوص الواردة في هذا الباب، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من غشنا فليس منا، ومن حمل السلاح علينا فليس منا".
فليس المعنى أنه خرج بالكلية من الإيمان، وصار كافرًا -كما تقول الخوارج، أو في منزلة بين المنزلتين، كما قالت المعتزلة- ولكن المعنى أنه خرج من الإيمان المطلق الذي يتناول النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمنين معه، الذين يستحقون به الثواب بلا عقاب (١).
رابعًا: الرد التفصيلي على آراء الفرق في الإيمان:
أولًا: الرد على الخوارج:
يرد عليهم المصنف بما حكموا به في مرتكب الكبيرة بقوله:"ومذهب هؤلاء باطل بدلائل كثيرة من الكتاب والسنّة:
١ - فإن الله سبحانه أمر بقطع يد السارق دون قتله، ولو كان كافرًا مرتدًا لوجب قتله، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من بدل دينه فاقتلوه".
٢ - وقال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إسلام، وزنا بعد إحصان، أو قتل نفس يقتل بها".