للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة" (١).

[[فضل ما قام به الحسن بن علي من صلح بين المسلمين]]

فكانت الحرورية قد ثبت قتالهم بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، واتفاق أصحابه، ولم يكن قتالهم قتال فتنة، كالقتال الذي جرى بين فئتين عظيمتين في المسلمين، بل قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري أنه قال للحسن ابنه - رضي الله عنه -: "إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به فئتين عظيمتين من المسلمين" (٢).

وقال في الحديث الصحيح: "تمرق مارقة على فرقة من المسلمين، فيقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق" (٣).

[[قتال الخوارج ليس كالقتال في الجمل وصفين]]

فدل بهذا أن ما فعله الحسن - رضي الله عنه - من ترك القتال [لو كان] (٤) واجبًا أو مستحبًا، لم يمدحه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ترك واجب أو مستحب (٥)، ودل الحديث الآخر على أن الذين قاتلوا الخوارج، وهم علي وأصحابه كان أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه، وأن قتال الخوارج أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليس قتالهم كالقتال في الجمل وصفين الذي [ليس] (٦) فيه أمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - (٧).


(١) تقدم تخريج هذا الحديث، وهو في الصحيحين.
(٢) تقدم تخريج هذا الحديث.
(٣) تقدم تخريج هذا الحديث.
(٤) ما بين المعكوفتين مضاف من (م).
(٥) قال الحافظ في الفتح (١٣/ ٦٧) عن حديث: "إن ابني هذا سيد. . . ": "واستدل به على تصويب رأي من قعد عن القتال مع معاوية وعلي، وإن كان أحق بالخلافة وأقرب إلى الحق، وهو قول سعد بن أبي وقاص، وابن عمر، ومحمد بن سلمة".
(٦) كلمة "ليس" ليست في نسخة الأصل، وهي فى (م) و (ط).
(٧) سبق أن أشار المصنف إلى هذه القصة في أول الكتاب (٣١٨ - ٣١٩) ويفهم من كلام المصنف رحمه الله تعالى أنه يقسم الناس فيما وقع من فتنة إلى ثلاثة أقسام: (القسم الأول): وهم الذين تبوّؤا المرتبة الأولى، وهم الطائفة الفضلى، والأكثرية من أكابر الصحابة رضوان الله عليهم، وهؤلاء امتنعوا عن الفتنة، وكفوا أيديهم عما جرى من قتال بين المسلمين، وكثير منهم رغب في قتال الخوارج، وبعضهم قاتلهم فعلاً، أما قتال الفتنة فلم يشتركوا فيه، وآثروا البعد والاعتزال، =

<<  <   >  >>