للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل البدع المتنازع في تكفيرهم، فقد غلط غلطاً عظيماً، والمحفوظ عن أحمد وأمثاله من الأئمة إنما هو تكفير الجهمية المشبهة (١) وأمثال هؤلاء، ولم يكفر أحمد الخوارج ولا القدرية إذا أقروا بالعلم، وأنكروا خلق الأفعال، وعموم المشيئة (٢)، لكن حكي عن أحمد (٣) في تكفيرهم [روايتان] (٤).

[[تكفير الجهمية لا يقتضي تكفير أعيانهم]]

وأما المرجئة فلا يختلف قوله في عدم تكفيرهم، مع أن أحمد لم


(١) لم يتبين لي مراد المؤلف -رحمه الله- بالجهمية المشبهة، اللهم إلا إذا كان من باب أن كل معطل مشبه، والجهمية أشد الناس تعطيلاً، فشبهوا الله حينئذ بالمعدوم تعالى الله عن قول الظالمين والجاهلين علواً كبيراً.
يقول المصنف في رسالته التدمرية (١٦) بعد أن ذكر مذهب الجهمية وغيرهم في الصفات: "فقولهم يستلزم غاية التعطيل، وغاية التمثيل، فإنهم يمثلونه بالممتنعات والمعدومات والجمادات. . . فإنهم شبهوه بالممتنعات". أو قد تكون العبارة كالتالي: الجهمية والمشبهة، فتكون الواو ساقطة، لأن السلف كفروا المشبهة أيضاً، والله أعلم.
(٢) القدرية قسمان: القدرية الأوائل أتباع معبد الجهني وغيلان الدمشقي الذين قالوا: لا قدر والأمر أنف، أي أن الله -عز وجل- عن قول الظالمين- لا يعلم بالأمر إلا بعد وقوعه, وهؤلاء أنكروا العلم، فلم يختلف السلف في تكفيرهم، ونقل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى عن الإمام القرطبي أن هؤلاء قد انقرضوا، وأما القدرية المتأخرون فهم المعتزلة, وأقر جمهورهم بالعلم، ولكنهم أنكروا خلق أفعال العباد، وعموم المشيئة، وهؤلاء الراجح عند أهل العلم عدم تكفيرهم، كما بين المصنف ذلك.
ويقول المصنف عن هاتين الطائفتين في الإيمان الكبير: "وقول أولئك (يعني القدرية الأوائل) كفرهم عليه مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، وأما هؤلاء (ويعني بهم المعتزلة) فهم مبتدعون ضالون، لكنهم ليسوا بمنزلة أولئك" مجموع الفتاوى (٧/ ٣٨٥)، وانظر كذلك المصدر السابق (٧/ ٣٨١) , وفتح الباري (١/ ١١٩).
(٣) في (م) و (ط): "حكي عنه".
(٤) في نسخة الأصل: روايتين وهو خطأ، والتصحيح من (م) و (ط).
وقال الخلال: وأخبرني أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد الله يسأل عن من قال: إن من الأشياء شيئاً لم يخلق الله! هذا يكون مشركاً؟ قال: إذا جحد العلم فهو مشرك يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، إذ قال: إن الله -عز وجل- لا يعلم الشيء حتى يكون. ورقمه (٩٣٩) ص ٥٥٨.

<<  <   >  >>