قد تقدم ذكر مذاهب الناس في الإيمان، وعلى العموم فالناس فيه فريقان:
الفريق الأول: الذين يجعلون الأعمال من مسمى الإيمان.
الفريق الثاني: الذي يخرجون الأعمال من مسمى الإيمان.
فأهل السنة والجماعة، ومعهم الخوارج والمعتزلة هم الفريق الأول.
وبقية الفرق وهم المرجئة من جهمية وكرامية وأشعرية وماتريدية ومرجئة الفقهاء هم الفريق الثاني.
فالخوارج والمعتزلة وإن وافقوا أهل السنّة والجماعة في إدخال الأعمال في مسمى الإيمان، إلا أنهم خالفوهم في حكم مرتكب الكبيرة، حيث كفرته الخوارج، وحكمت عليه المعتزلة بأنه في منزلة بين المنزلتين، مع اتفاق الطائفتين على خلوده في النار.
فالفرق بينهم وبين أهل السنَّة والجماعة في مرتكب الكبيرة أنهم سلبوه مطلق الإيمان، وأما أهل السنّة فلم يسلبوه سوى الإيمان المطلق.
أولًا: أصل الخلاف في الإيمان، وسبب التفرق في مفهومه:
يركز شيخ الإسلام -رحمه الله- دائماً في الحديث عن تنكب فرق المبتدعة لهداية الكتاب والسنة، وعدولهم عن منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، وفي هذا المعنى يقول عن المبتدعة في الإيمان: "وقد عدلت المرجئة في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، واعتمدوا على رأيهم، وعلى ما تأولوه بفهمهم اللغة، وهذه طريقة أهل البدع، ولهذا كان الإمام أحمد يقول: أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس، ولهذا نجد المعتزلة والمرجئة والرافضة وغيرهم من أهل البدع يفسرون القرآن برأيهم ومعقولهم، وما تأولوه من اللغة، ولهذا تجدهم لا يعتمدون على أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة التابعين وأئمة المسلمين، فلا يعتمدون لا على السنّة، ولا على إجماع السلف وآثارهم، وإنما يعتمدون على العقل واللغة، وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير