للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استقبال الشيخ وأصحابه لما دخل دمشق، فرحين به، مهنئينه بالنصر، وداعين له بما يسر الله على يديه من النصر المبين (١).

خامسًا: محنه وسجنه:

قضى الله عزّ وجلّ أن يمتحن العلماء الربانيون، وأن يعيش كثير منهم في هذه الدار على جناح الابتلاء والإيذاء من قبل أعداء حقيقيين، أو جهلاء متعين لغيرهم، وقد كان لشيخ الإسلام مكانة عند الناس أمراء وعامة، لا تكاد تعدلها مكانة، فكبر على طائفة من علماء عصره أن يتبوأ ابن تيمية تلك المكانة العليا.

إن خصوم شيخ الإسلام هم في غالبهم ثلاثة أصناف: إما من علماء المذاهب الفقهية الذين يرون أن من خرج بقول عنها أتى بشيء عظيم، وإما من علماء الكلام الذين أفسدوا العقائد، وإما من المتصوفة الذين رأوا أن سلطانهم بين الناس بدأ في التأرجح وخافوا عليه من الاضمحلال.

وبين هذه الأصناف الثلاثة دافع مشترك من حب الحطام، والرغبة في جمع الأموال، والظهور بين الأنام.

ولعلنا لا نجد خيرًا من الحافظ عمر بن علي البزار تلميذ شيخ الإسلام يفسر لنا الأسباب الكامنة وراء تآزر الخصوم في وجه الشيخ.

يقول رحمه الله: "ولما رأوا هذا الإمام العالم عالم الآخرة، تاركًا لما هم عليه من تحصيل الحطام، من الشبه الحرام، رافضًا الفضل المباح فضلًا عن الحرام، تحققوا أن أحواله تفضح أحوالهم، وتوضح خفي أفعالهم، وأخذتهم الغيرة النفسانية .. فحرصوا على الفتك به أين ما وجدوه .. " (٢).

وبعد أن ذكر بعض جهود شيخ الإسلام في جهاد التتار، ونصيحة


(١) المصدر نفسه (١٤/ ٢٧)، وكانت هذه المعركة الفاصلة في الثاني من شهر رمضان المبارك من سنة (٧٠٢ هـ).
(٢) الأعلام العلية (٢٠).

<<  <   >  >>