للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[تنازع الأئمة في تكفير أهل الأهواء وتخليدهم]]

والعلماء قد تنازعوا في تكفير أهل البدع والأهواء وتخليدهم في النار، وما من الأئمة إلا من حكي عنه في ذلك قولان، كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم (١).

وصار بعض أتباعهم يحكي هذا النزاع في جميع أهل البدع، وفي تخليدهم حتى التزم تخليد (٢) كل من يعتقد أنه مبتدع بعينه، وهذا فيه من الخطأ (٣) ما لا يحصى، وقابله بعضهم فصار يظن أنه لا يطلق بكفر (٤) واحد من أهل الأهواء، وإن كانوا قد أتوا من الإلحاد وأقوال أهل التعطيل والاتحاد.

[[القول الفصل في تكفير أهل الأهواء]]

والتحقيق في هذا: أن القول قد يكون كفرًا كمقالات الجهمية الذين قالوا: إن الله لا يتكلم، ولا يرى في الآخرة، ولكن قد يخفى على بعض الناس أنه كفر، فيطلق القول بتكفير القائل، كما قال السلف: من قال:


= الخوارج، حيث قرنهم بالملحدين، وبوب بابًا قال فيه: باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم، وممن شرح بتكفيرهم القاضي أبو بكر ابن العربي، وتقي الدين المبكي، ولكن الجمهور على خلاف ذلك، ومن هؤلاء الخطابي حيث حكى الإجماع على ذلك، وابن بطال، وذكر أنه قول الجمهور، وقد توقف في هذا أبو المعالي، والباقلاني، والغزالي.
(١) يقول المصنف رحمه الله في مجموع الفتاوى (٢٨/ ٥٠٠) عن الخوارج والرافضة والحكم فيهم: "وأما تكفيرهم وتخليدهم، ففيه أيضًا للعلماء قولان مشهوران، وهما روايتان عن أحمد، والقولان في الخوارج والمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم، والصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها التي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول كفر، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر أيضًا. . . لكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه. . "، وقد تقدم كلام للمصنف قريب من ذلك في أول الكتاب.
انظر: حاشية ابن عابدين (٣/ ١٣٠)، المغني (١٠/ ٤٧)، تكملة المجموع (١٩/ ٢٣٢)، الفتح (١٢/ ٣٨٥).
(٢) في (ط): "تخليدهم".
(٣) العبارة في (م) و (ط): "وفي هذا من الخطأ".
(٤) في (ط): "كفر".

<<  <   >  >>