للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث يقول: "والمقصود هنا أن الزنديق في عرف هؤلاء الفقهاء، هو المنافق الذي كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أن يظهر الإسلام ويبطن غيره، سواء أبطن ديناً من الأديان كدين اليهود والنصارى، أو غيرهم، أو كان معطلاً جاحداً للصانع، والمعاد، والأعمال الصالحة" (١).

[الخلاف في قبول توبة الزنديق]

اختلف الفقهاء رحمهم الله في قبول توبة الزنديق (المنافق) إذا عرف بالزندقة، ودفع إلى ولي الأمر قبل توبته، هل تقبل توبته؟ .

المسألة خلافية، ويهمنا في هذا المقام أن من الفقهاء من نظر إلى الأصل العام في قبول التوبة، وهو أن الله عزّ وجل يقبل توبة كل تائب، مهما كان جرمه وخطيئته، ولذا قال هؤلاء بقبول توبته، ومنهم من رأى أن هذه مسألة خاصة، وهو أن الأمر فيها يقوم على المخادعة والتضليل، والتوبة في هذا المقام محل احتمال، فقد يكون المدفوع إلى ولي الأمر جن يظهر التوبة صادقًا، وقد يكون كاذبًا، وترجيح أحد الحالين ضرب من المحال، ولكن سابقته في الزندقة التي كان يحاول كتمانها تقضي بعدم قبول توبته، ولأنه يمكن أن يكون قد أظهر التوبة تقية، خوفاً من العقاب.

يقول المصنف -رحمه الله-: "ولما كثرت الأعاجم في المسلمين تكلموا بلفظ الزنديق، وشاعت في لسان الفقهاء، وتكلم الناس في الزنديق هل تقبل توبته في الظاهر، إذا عرف بالزندقة ودفع إلى ولي الأمر قبل توبته؟ .

فمذهب مالك وأحمد في أشهر الروايتين عنه وطائفة من أصحاب الشافعي وهو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة أن توبته لا تقبل.

والمشهور من مذهب الشافعي قبولها كالرواية الأخرى عن أحمد وهو القول الآخر في مذهب أبي حنيفة، ومنهم من فصّل" (٢).

والمصنف يميل في كتابه "الصارم المسلول على شاتم الرسول" وهو


(١) المصدر نفسه (٣٠٢).
(٢) المصدر السابق (٣٠٢).

<<  <   >  >>