للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[التوحيد والعدل عند المعتزلة]]

ومن العجب أن المعتزلة يفتخرون بأنهم أهل التوحيد والعدل (١)، وهم في توحيدهم (٢) نفوا الصفات نفياً يستلزم التعطيل والإشراك، وأما العدل الذي وصف الله به (٣) فهو أن لا يظلم مثقال ذرة، وأنه من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، وهم يجعلون جميع حسنات العبد وإيمانه حابطاً بذنب واحد من الكبائر، وهذا من الظلم الذي نزه الله نفسه عنه، وكان وصف الرب تعالى بالعدل الذي وصف به نفسه أولى من جعل العدل هو التكذيب بقدر الله تعالى.

[[الكفر محبط لجميع الحسنات والتوبة محبطة لجميع السيئات]]

الخامس (٤): أن الله لم يجعل شيئًا يحبط [جميع] (٥) الحسنات إلا الكفر، كما أنه لم يجعل شيئاً يحبط جميع السيئات إلا التوبة، والمعتزلة مع الخوارج يجعلون الكبائر محبطة لجميع الحسنات حتى الإيمان قال [الله] (٦) تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٢١٧]، فعلق الحبوط بالموت على الكفر، وقد ثبت أن هذا ليس بكافر، والمعلق شرط يعدم عند عدمه (٧).

وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: ٥].


(١) هذان أصلان من أصول المعتزلة الخمسة، والثلاثة الأخرى هي: الوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، طالع على سبيل المثال: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار المعتزلي (١٤٩، ٣٠١، ٦٠٩، ٦٩٥، ٧٣٩).
(٢) في نسخة الأصل: وهم في توحيدهم هم نفوا، وأثبتنا ما في (م)، (ط) لأنه أقرب إلى الصواب.
(٣) في (ط): "وصف الله به نفسه"، الذي ثبت في القرآن أن الله عز وجل لا يظلم مثقال ذرة، ولكن ثبت في السنة في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -قوله - صلى الله عليه وسلم - للذي قال: والله إن هذه قسمة ما عدل فيها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله". . والحديث رواه البخاري برقم (٣١٥٠) ومسلم برقم (١٠٦٢) إذن فقد ثبتت هذه الصفة بالسنة الصحيحة، وانظر: صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوى السقاف ص (١٧٧).
(٤) في نسخة الأصل (السادس) وهو خطأ.
(٥) مضافة من (م) و (ط).
(٦) مضافة من (م) و (ط).
(٧) في نسخة الأصل: والمعلق شرط عدمه عند عدمه، وفي (م): والمعلق بشرط عدم عند عدمه، وأثبتنا ما في (ط) لأنه أصح.

<<  <   >  >>