للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل اللغة، ولا من سلف الأمة وعلمائها، وإنما هذا اصطلاح حادث، والغالب أنه كان من جهة المعتزلة ونحوهم من المتكلمين. . " (١).

الطريق الثاني: مع التسليم بأن هناك مجازًا في اللغة والشرع، فلا دليل فيه لمن أخرج الأعمال من مسمى الإيمان.

وفي ذلك يقول رحمه الله: "إن لم يصح التقسيم إلى حقيقة ومجاز، فلا حاجة إلى هذا، وإن صح فهذا لا ينفعكم، بل هو عليكم لا لكم، لأن الحقيقة هي اللفظ الذي يدل بإطلاق بلا قرينة، والمجاز إنما يدل بقرية، وقد تبين أن لفظ الإيمان حيث أطلق في الكتاب والسنّة، دخلت فيه الأعمال، وإنما يدعى خروجها منه عند التقييد، وهذا يدل على أن الحقيقة قوله: الإيمان بضع وسبعون شعبة" (٢).

أما في كتاب "شرح حديث جبريل" فيرد المصنف على من قال: إن الأعمال تدخل في الإيمان على سبيل المجاز بأمرين:

الأمر الأول: القول بأن الأعمال تخرج منه على سبيل المجاز، وفي هذا المعنى يقول رحمه الله: "فإن قال قائل: اسم الإيمان إنما يتناول الأعمال مجازًا، قبل: أولًا ليس هذا بأولى ممن قال: إنما تخرج عنه الأعمال مجازًا، بل هذا أقوى، لأن خروج العمل عنه إنما هو إذا كان مقرونًا باسم الإسلام والعمل، وأما دخول العمل فيه فإذا أفرد كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان"، فإنما يدل مع الاقتران أولى باسم المجاز مما بدل عند التجريد والإطلاق. . " (٣).


(١) المصدر نفسه (٧٣)، وقد نصر شيخ الإسلام رحمه في ذلك الكتاب القول بإبطال المجاز في اللغة والقرآن والسنّة، وكان ذلك في نحو ست وعشرين صفحة، (٧٣ - ٩٨).
(٢) المصدر السابق (٩٧).
(٣) شرح حديث جبريل (٤٨٣)، وهذا يقوي القول بأن كتاب "شرح حديث جبريل" سابق على الإيمان الكبير في التأليف، لاختصاره في الرد على القائلين بدخول الأعمال في الإيمان مجازًا ما وتوسعه في الإيمان الكبير في الرد عليهم، والله أعلم.

<<  <   >  >>