للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في الحديث الصحيح: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" (١) أي: فهو مردود غير مقبول.

فمن اتقى الكفر وعمل عملاً ليس عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل منه، وإذا (٢) صلى بغير وضوء لم يقبل منه لأنه ليس متقياً في ذلك العمل، وإن كان متقياً للشرك وقد (٣) قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (٦٠)} [المؤمنون: ٦٠]، وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: يا رسول الله أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر ويخاف أن يعذب؟ فقال: "لا يا بنت (٤) الصديق، ولكنه الرجل يصلي ويصوم ويتصدق، ويخاف أن لا يقبل منه" (٥).

[[مأخذ أكثر السلف في الاستثناء]]

وخوف من خاف من السلف أن لا يتقبل منه، لخوفه أن لا يكون أتى بالعمل على الوجه (٦) المأمور، وهذا أظهر الوجوه في استثناء من استثنى منهم في الإيمان، وفي أعمال الإيمان، كقول أحدهم: أنا مؤمن إن شاء الله، وصليت إن شاء الله (٧)، لخوف أن لا يكون أتى بالواجب على


(١) هذا هو أحد لفظي مسلم رواه برقم (١٧١٨) ٣/ ١٣٤٣ كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطنة، ورد محدثات الأمور، ورواه البخاري برقم (٢٦٩٧) كتاب الصلح باب إذا اصطلحوا على جور فالصلح مردود، ولفظه: (من أحدث في أمرنا هذا. . .) وأحمد برقم (٢٤٢٩٨).
(٢) في (ط): "وإن".
(٣) "قد" ليست في (م).
(٤) في (ط): "يا ابنة". وهو خلاف ما في نسخة الأصل و (م) الموافق للفظ الحديث.
(٥) رواه الترمذي برقم (٣١٧٥) كتاب تفسير القرآن، وابن ماجه برقم (٤١٩٨) كتاب الزهد، وأحمد برقم (٢٤٥٢٣)، والحاكم (٢/ ٤٢٧) وصححه ووافقه الذهبي، وسكت عنه الحافظ في الفتح (٨/ ٤٤٦)، (١١/ ٣٠١) وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (١٦٢) وفي كتابه صحيح ابن ماجه برقم (٣٣٨٤).
(٦) في (ط): "على وجهه".
(٧) هذه مسألة الاستثناء في الإيمان وهي من أصول مسائل الإيمان، ولم يناقشها المؤلف في هذا الكتاب كثيراً، وإنما ناقشها وأطال فيها في كتاب (الإيمان الكبير) في عدة مواضع، ويعتبر كلامه في هذه الحالة من أبرز الفروق بين =

<<  <   >  >>