للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليعذبني عذابًا ما عذبه أحدًا من العالمين" (١)، وقد غفر الله لهذا مع (٢) ما حصل له من الشك في قدرة الله وإعادته إذا حرقوه (٣).

وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع (٤).

[[الأمر بجهاد الكفار والمنافقين]]

فإن قيل: فالله تعالى قد أمر بجهاد الكفار والمنافقين في آيات من القرآن (٥)، فإذا كان المنافق تجري عليه أحكام الإسلام في الظاهر، فكيف يمكن مجاهدته؟


(١) هذا الحديث روي بألفاظ مختلفة، منها ما رواه البخاري برقم (٣٤٨١) كتاب أحاديث الأنبياء، ومسلم برقم (٢٧٥٦) كتاب التوبة، والنسائي برقم (٢٠٨٠) كتاب الجنائز، وابن ماجه برقم (٤٢٥٥) كتاب الزهد، وأحمد برقم (٢٢٧٤٢)، ومالك برقم (٥٦٨) كتاب الجنائز.
(٢) كلمة "مع" ليست في (م).
(٣) وقد ذكر الحافظ الأقوال في الفتح (٦/ ٥٢٣) في حصول المغفرة لذلك الرجل مع شكه في قدرة الله على بعثه ومحاسبته، ومنها:
١ - ما قاله الإمام الخطابي بأنه لم ينكر البحث، وإنما جهل، فظن أنه إذا فعل به ذلك لا يعاد فلا يعذب، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه إنما فعل ذلك من خشية الله.
٢ - أن معنى (لئن قدر علي) أي ضيق، وهي كقوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ}، وقد أنكر ذلك المصنف رحمه الله تعالى، من مجموع الفتاوى (١١/ ٤١٠، ٤١١) وأفاض في الرد على من قال بهذا القول، ورآه قد أبعد النجعة جدًا.
٣ - أن الرجل كان مثبتًا للصانع وكان في زمن الفترة، فلم تبلغه شرائط الإيمان.
٤ - أنه كان في شرعهم جواز المغفرة للكافر، وهذا أبعد الأقوال كما قال الحافظ.
٥ - أن الرجل قال ذلك في حال دهشته وغلبة الخوف عليه حتى ذهب بعقله لما يقول، ولم يقله قاصدًا لحقيقة معناه، بل في حالة كان فيها كالغافل والذاهب والناسي، الذي لا يؤاخذ بما يصدر منه، وهذا أظهر الأقوال كما ذكر الحافظ.
قلت: وما ذكره المصنف رحمه الله هو أولى الأقوال، وهو ما وافق فيه الإمام الخطابي، وهو أن الرجل قد جهل وخفي عيه الحق في تلك المسألة.
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (٣/ ١٥١، ٢٢٩، ٢٨٢، ٣٧٤)، (٤/ ٣٤٥، ٤٧٤، ٤٨٦)، (١١/ ٤٠٨ - ٤١٣)، (١٠/ ٣٧٢، ٦٣٧)، (٢٠/ ٩٠)، (٢٣/ ٣٤٦)، (٢٨/ ٤٦٨، ٥٠١، ٥١٨) درء التعارض (٥/ ٣٠٨) وغيرها.
(٥) كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣)} [التوبة: ٧٣] [التحريم: ٩].

<<  <   >  >>