للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المخالفة له يقولون هذا الكلام ويعظمونه، ويعظمون ابن عربي لقوله مثل هذا، ولا يعلمون أن هذا الكلام بناه على أصله الفاسد في الإلحاد، الذي يجمع بين التعطيل والاتحاد.

[[حقيقة مذهب ابن عربي]]

فإن حقيقة الرب عنده وجود مجرد لا اسم له ولا صفة، ولا يمكن أن ترى ذاته (١) لا في الدنيا، ولا في الآخرة، ولا له كلام قام به (٢)، ولا علم ولا غير ذلك، ولكن يرى ظاهرًا في المخلوقات متجليًا في المصنوعات، وهو عنده عين (٣) وجود الموجودات، وشبهه (٤) تارة بظهور الكلي في جزئياته، كظهور الجنس في أنواعه، والنوع في الخاصية (٥) كما تظهر الحيوانية في كل حيوان، والإنسانية في كل إنسان (٦).


(١) كلمة "ذاته" ليست في (م) و (ط)، وكلمة "يرى" بدلًا من "ترى".
(٢) في (ط): "قائم به".
(٣) في (م) و (ط): "غير".
(٤) في (ط): "وشبهه وتارة"، والواو كما ترى مقحمة.
(٥) في (م) و (ط): "الخاصة".
(٦) عقيدة وحدة الوجود: خلاصتها أن الوجود واحد، ليس هناك وجود للخالق ووجود للمخلوق، بل وجود هذا هو عين وجود هذا، وهذه هي حقيقة تلك العقيدة، ولكن لأصحابها في تقريرها عدة مذاهب:
الأول: مذهب ابن عربي، ويقوم على أصلين: أحدهما: أن المعدوم شيء ثابت في العدم، مع أنه ثابت في العلم، والمظاهر: هي عنده الأعيان الثابتة في العدم، وأما الظاهر: فهو وجود الخلق، والثاني: قوله إن وجود الأعيان نفس وجود الحق الذي فاض عليها، وابن عربي يفرق بين وجود الشيء وماهيته.
الثاني: مذهب الصدر الفخر الرومي، الذي لا يفرق بين الوجود والماهية، وعنده أن الله هو الوجود المطلق الذي لا يتعين ولا يتميز.
الثالث: مذهب التلمساني، وهو لا يفرق بين ماهية ووجود، ولا بين مطلق ومعين، بل عنده ما ثم سوى، ولا غير بوجه من الوجوه، وإنما الكائنات أمواج البحر في البحر، وهذه المذاهب رتبها شيخ الإسلام حسب أبعدها عن الحق وأشدها كفرًا، وبعد أن ذكر شيخ الإسلام الأقوال الثلاثة قال: "ولا ريب أن هذا القول (يعني قول التلمساني) هو أحذق في الكفر والزندقة، فإن التميز بين الوجود والماهية، وجعل المعدوم شيئًا (وهو مذهب ابن عربي)، أو التمييز في الخارج بين المطلق والمعين، وجعل المطلق شيئًا وراء المعينات في الذهن (وهو قول الصدر الرومي)، قولان ضعيفان باطلان. . " مجموع الفتاوى (٢/ ١٤٣، ١٦٠، ١٦١، ١٦٩).

<<  <   >  >>